قال أبو عبيد: هي عندنا بالرفع بمعنى: وعندهم حور عين، ولا أحب الخفض لأنه ليس يطاف عليهم بالحور، هذا كلامه (١)، ووجه الرفع علي مذهب سيبويه (٢) أن قوله: ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ إلي قوله: ﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾ دل على أن معنى الكلام لهم كذا ولهم كذا، فحمل: (حُورٌ) على المعنى كأنه قيل: ولهم حور، ومثله مما حمل على المعنى قول الشاعر (٣):
إلا رواكد جمرهن هباء
ومشجج............
فحمل ومشجج على المعنى لأن المعنى إلا رواكد ومشجج. ذكر ذلك المبرد والزجاج وأبو علي (٤).
وأما الخفض فقال الفراء: هو وجه الكلام على أن تتبع آخر الكلام أوله وان لم يحسن في آخره ما حسن في أوله، وأنشد:

(١) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٣٢٤، و"حجة القراءات" ص ٦٩٥.
(٢) انظر: "الكتاب" ١/ ١٧٣.
(٣) البيت الأول بتمامه:
بادت وغير آيهن مع البلى... إلا رواكد جمرهن هباء
والبيت الثاني:
ومشجج أما سواء قذاله فبدا... وغير سارة المعزاء
والبيتان ينسبان إلى ذي الرمة، كما في "ملحقات ديوانه" ٣/ ١٨٤٠.
وينسبان إلى الشماخ كما في "ملحقات ديوانه" ص ٤٢٧، ٤٢٨، و"الكتاب" ١/ ١٧٣، و"اللسان" ٢/ ٣٥٤ (شجج)، و"الحجة" ٦/ ٢٥٦، والرواكد الأثافي، والمشجج هو الوتد، وتشجيجه ضرب رأسه لثبت، وسواء قذالة: وسطه. والمعزاء. أرض صلبة ذات حصى.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١١١، ١/ ٢٥٤، و"الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٢٥٥ - ٢٥٦، و"البغداديات" ص ٢١٩ - ٢٢٠.


الصفحة التالية
Icon