الحب الذي بذرناه فذهب في غير عوض هذا الذي ذكرنا هو الأصل.
قال أبو عبيدة والفراء: لمعذبون (١)، وهو قول ابن عباس وقتادة (٢)، وهذا معنى كأنهم ذهبوا إلى أنهم عذبوا بذهاب أموالهم.
وقال عكرمة ومجاهد ومقاتل: لمولع بنا (٣)، والمعنى لمولع بنا الشر من قولهم: أغرم فلان بفلانة إذا أولع بها، ومنه الغرام وهو الشر اللازم وقد تقدم تفسيره (٤). ويدل على القول الأول (٥) قوله تعالى: ﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ أي حرمنا ما كنا نطلبه من الريع في الزرع.
وما بعد هذا ظاهر ومفسر فيما تقدم إلى قوله: ﴿الَّتِي تُورُونَ﴾ قال الكسائي: أوْرَيْتُ النار وقد ورَتْ ووَرِيَتْ (٦).
وقال أبو إسحاق: ورَى الزَّندُ يَرِيَ فهو وارٍ إذا انقدحت منه النار، وأوريت النار إذا قدحتها (٧)، وقال الكلبي والمبرد: أورى القادح إذا أتى بالنار. قال الأعشى (٨):
(٢) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٣٣٩، و"جامع البيان" ٢٧/ ١١٥، وهو اختيار ابن جرير.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ١٣٩ أ، و"جامع البيان" ٢٧/ ١١٥.
(٤) عند تفسيره الآية (٦٥) من سورة الفرقان. ومما قال: والغَرامُ: اللازمُ من العذاب، والشرُّ الدائم، والبلاءُ والحبُّ والعشق وما لا يستطاع أن يتفصَّى منه، ويروى أن الغريم إنما سمي غريمًا لأنه يطلب حقه ويلح حتى يقتضيه، فمعنى غرامًا ملحًا دائمًا. وانظر: "اللسان" ٢/ ٩٨١ (غرم).
(٥) وهو قول الضحاك وابن كيسان والزجاج.
(٦) انظر: "اللسان" ٣/ ٩١٦ (وري).
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١١٥.
(٨) "ديوانه" ص ٨٤، وروايته: =