وقال ابن الأعرابي: ﴿مُدْهِنُونَ﴾ منافقون والإدهان والمداهنة اللين والمصانعة، وهو أن يسر خلاف ما يظهر، والمدهن الذي يجري في الباطن على خلاف الظاهر (١). هذا أصل معناه في اللغة.
ثم قيل للمكذب مدهن، وإن صرح بالتكذيب والكفر، ويجوز أن يكون هذا خطابًا لمن آمن بالقرآن ظاهرًا وأسر الكفر به، وهذا معنى الإدهان والمداهنة.
قال المؤرج: المدهن المنافق الذي يلين جانبه ليخفي كفره (٢).
٨٢ - قوله تعالى: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ قال ابن عباس وجماعة المفسرين: تجعلون شكركم أنكم تكذبون بنعمة الله عليكم فتقولون سقينا بنوء كذا (٣).
قال أبو إسحاق: كانوا يقولون مطرنا بنوء كذا، ولا ينسبون السقيا إلى الله عز وجل فقيل لهم: أتجعلون رزقكم أي شكركم بما رزقتم التكذيب (٤).
وقال أبو علي الفارسي: أي وتجعلون رزقكم الذي رزقكموه أي شكر رزقكم -فحذف المضاف- أن تكذبوا بذلك الرزق أنه من الله وأن تنسبوه إلى غيره فتقولوا مطرنا بنوء كذا.
(٢) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢٢٧، و"فتح القدير" ٥/ ١٦١.
(٣) انظر: "جامع البيان" ٢٧/ ١١٩، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٩٠.
روى البخاري في كتاب: الاستسقاء: باب قول الله تعالى ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ ٢/ ٤١، قال ابن عباس: شكركم. ورواه ابن جرير بسند صحيح عن ابن عباس. انظر: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٢٩٩، و"تفسير ابن عباس ومروياته" للحميدي ٢/ ٨٦٣ - ٨٦٤.
(٤) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١١٦.