وهما جزاءان (١).
وقال صاحب النظم: قوله: ﴿تَرْجِعُونَهَا﴾ جواب لقوله: ﴿فَلَوْلَا﴾ المتقدمة والمتأخرة على تأويل: فلولا إذا بلغت النفس الحلقوم ترجعونها أي تردونها إلى موضعها إن كنتم غير محاسبين ولا مجزيين كما تزعمون، يقول: إن كان الأمر كما تقولون أنه لا بعث ولا حساب ولا جزاء ولا إله يقوم بذلك، فهلَّا تردون نفسًا ممن يعز عليكم إذا بلغت الحلقوم؟ وإذا لم يمكنكم في ذلك حيلة بوجه من الوجوه فلم لا يدلكم ذلك على أن الأمر إلى غيركم وهو الله عز وجل (٢).
وقال أبو إسحاق: معناه هلا ترجعون الروح إن كنتم غير مدينين، أي: غير مملوكين مدبَّرين ليس لكم في الحياة والموت قدرة، فهلا إن كنتم كما زعمتم في مثل قولكم الذي جاء في القرآن: ﴿لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا﴾ [آل عمران: ١٦٨] ﴿لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا﴾ [آل عمران: ١٥٦] أي إن كنتم تقدرون أن تؤخروا أجلًا فهلا ترجعون الروح إذا بلغت الحلقوم وهلا تردون عن أنفسكم الموت (٣).
ولما دل بما ذكر على أنهم محاسبون ومجزيون ومملوكون، ذكر طبقات الخلق عند الموت والحشرجة.
٨٨ - قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ إن كان هذا الذي بلغت روحه الحلقوم من المقربين عند الله في الدرجات والتفضيل (فَرَوْحٌ) أي:
(٢) انظر: "الوسيط" ٤/ ٢٤١ - ٢٤٢، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٩١، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢٣٢.
(٣) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١١٧.