ولأنه -رضي الله عنه- كان أيضًا أول من قاتل على الإسلام فقد روى زر عن ابن مسعود قال: أول من أظهر إسلامه بسيفه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر رضي الله عنه (١).
قال صاحب النظم: قوله: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ﴾ يقتضي نقيضًا كما قال ﴿لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾ [الحشر: ٢٠] ولم يجيء هاهنا النقيض الذي يقابل من أنفق فلما قال ﴿أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا﴾ دل على هذا النقيض؛ لأن نقيضه من أنفقوا من بعد وقاتلوا (٢).
قال عطاء: يريد درجات الجنة تتفاضل، فالذين أنفقوا من قبل الفتح في أفضلها (٣)، وقال مقاتل بن حبان: يقول كانت نفقتهم وجهادهم مع النبي -صلى الله عليه وسلم- أعظم أجرًا ودرجات من درجات من أنفق وقاتل بعد الفتح فتح مكة (٤).
قال أبو إسحاق: لأن المتقدمين نالهم من المشقة أكثر مما نال من بعدهم وكانت بصائرهم أيضًا أنفذ (٥).
قوله تعالى: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ قال مقاتل بن سليمان: يقول
(٢) انظر: "التفسيرالكبير" ٢٩/ ٢١٨، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢٤٠، و"فتح القدير" ٥/ ١٦٨.
(٣) انظر: "الوسيط" ٤/ ٢٤٦، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٩٥.
(٤) انظر: "فتح القدير" ٥/ ١٦٨.
(٥) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١٢٣.