قوله تعالى: ﴿وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ يعني الذين تركوا الإيمان بعيسى ومحمد -صلى الله عليه وسلم- هذا الذي ذكرنا في هذه الآية هو قول عامة المفسرين (١).
وقال الكلبي ومقاتل بن سليمان نزلت في المنافقين (٢) وعلى هذا معنى قوله: ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي باللسان في العلانية.
قال مقاتل: كان المنافقون لا ترق قلوبهم لذكر الله والقرآن فلم يَلِن له إلا القليل منهم وهم الذين صدقوا وكثير منهم فاسقون (٣).
١٨ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ﴾ قراءة العامة بتشديد الصاد على معنى المتصدقين والمتصدقات بالصدقة، وكذا هو في قراءة أُبَّي بالفاء (٤) فأدغمت التاء في الصاد يدل على أن المعنى هذا.
قوله تعالى: ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ وهذا الفصل اعتراض بعين الخبر والمخبر عنه والاعتراض بمنزلة الصفة (٥) فهو للصدقة أشد ملاءمة منه للتصديق، وقراءة من قرأ بتخفيف الصاد من التصديق الذي هو بمعنى الإيمان، ومعناها إن المؤمنين والمؤمنات، حجة هذه القراءة أن التشديد مقصور على الصدقة والتخفيف أعم؛ لأن التصديق يعم الصدقة وغيرها من كل ما صدقوا وآمنوا به فهو أذهب في باب المدح، وعلى هذا قوله:

(١) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤١ ب، و"الكشف والبيان" ١٢/ ٦٤ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٩٧، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢٤٩.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤١ ب.
(٣) المرجع السابق.
(٤) قرأ ابن كثير، وأبو بكر: ﴿الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ﴾ بتخفيف الصاد فيهما وقرأ الباقون (المصَّدَّقين والمصَّدقات) بتاء ظاهرى وبها احتج الجمهور لقراءة التشديد. انظر: "حجة القراءات" ص ١٠٧، و"النشر" ٢/ ٣٨٤، و"الإتحاف" ص ٤١.
(٥) في (ك): (الصلة).


الصفحة التالية
Icon