والألف (١)، فيكون المعنى: ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله، وابتغاء رضوان الله اتباع ما أمر به (٢) (٣)، هذا كلامه. ومعناه على هذا أن الابتغاء بدل من الضمير في كتبناها، كما تقول: ما رأيت القوم إلا زيدًا، والمعنى: ما كتبنا الرهبانية عليهم إلا ابتغاء رضوان الله، وهو أن يطلبوا رضاه باتباع أمره (٤).
قوله تعالى: ﴿فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن هؤلاء الذين ذكرهم الله ووصفهم بتصنع الرهبانية وترك رعايتها هم قوم كفروا بدين عيسى وتهودوا وتنصروا من هؤلاء الذين أحدثوا الرهبانية ودخلوا في دين ملوكهم وتركوا الترهب وهو قول مقاتل، قال: لم يرعوها ولا أحسنوا حين تهودوا وتنصروا فأقام أناس منهم على دين عيسى حتى أدركوا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- فآمنوا به، فهو قوله: ﴿فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ الذين تهودوا وتنصروا (٥).
ونحو هذا روى ابن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "منهم من تمسك بدينه وهم الذين قال الله ﴿فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ﴾ ومنهم من كفر، وهو قوله: ﴿وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ (٦) وهذا قول الضحاك ورواية عطاء عن ابن
(٢) في (ك): (أمره).
(٣) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١٣.
(٤) انظر: "التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٤٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٣٦٣.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٢ أ، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٤٦.
(٦) هذا الحديث ذكره المؤلف بالمعنى، وهو حديث طويل أخرجه الحاكم في كتاب التفسير، سودة الحديد. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي: قلت ليس بصحيح فإن الصعق وإن كان موثقًا فإن شيخه منكر الحديث. =