﴿نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ [التحريم: ٨] وهذا علامة المؤمنين في القيامة. قال: ويجوز أن يكون المعنى: ويجعل لكم سبيلا واضحًا من الهدى تهتدون به (١).
وعد الله تعالى لمن آمن من أهل الكتاب أجرين اثنين أجرًا لإيمانهم بالنبي، والكتاب الأول وأجرًا لإيمانهم بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- والكتاب الثاني، كما قال في موضع آخر ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ﴾ [القصص: ٥٤] الآية. ووعدهم أن يجعل لهم نورًا وأن يغفر لهم ما سلف من ذنوبهم قبل الإيمان بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وهو قوله تعالى: ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
٢٩ - ولما نزل هذا وآمن من آمن منهم حسدهم الذين لم يؤمنوا فأنزل الله تعالى، قوله تعالى: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ﴾ أي لأن يعلم ولا صلة في قول الجميع (٢) ﴿أَهْلُ الْكِتَابِ﴾ يعني الذين لم يؤمنوا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وحسدوا المؤمنين منهم ﴿أَلَّا يَقْدِرُونَ﴾ يعني أنهم لا يقدرون ﴿عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ والمعنى: جعلنا الأجرين لمن آمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ليعلم الذين لم يؤمنوا منهم أنهم لا أجر لهم ولا نصيب لهم في فضل الله ﴿وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ فآت المؤمنين منهم أجرين.
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ يتفضل على من يشاء من عباده المؤمنين، وهذا الذي ذكرنا معنى قول قتادة (٣).

(١) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١٣١.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للأخفش، ٢/ ٤٧٠، و"معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٣٧، و"مجاز القرآن" ٢/ ٢٥٤.
(٣) انظر: "تفسر عبد الرزاق" ٢/ ٣٧٦، و"جامع البيان" ٢٧/ ١٤٣، و"إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٣٧٠، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٠٣.


الصفحة التالية
Icon