قال أبو علي الفارسي: وليس في هذا ظاهر كما ادعوا، لأن العود على ضربين:
أحدهما: أن يصير إلى شيء قد كان عليه قبل فتركه ثم صار إليه.
والآخر: أن يصير إلى شيء وان لم يكن على ذلك قبل.
وكأن هذا الوجع غمض عليهم، وهذا عند من خوطب بالقرآن، كالوجه الأول في الظهور. وفي أنهم يعرفونه كما يعرفون ذلك، فمن ذلك قول الهذلي (١):
وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل... سوى الحق شيئًا فاستراح العواذل
معناه: وصار، وكذلك قول العجاج:
ويصحبني حتى كاد... يعود بعد أعظم أعوادًا
وقال امرئ القيس:
وماء كون الزيت قد عاد آجنًا... قليل به الأصوات ذي كلإ مخلي (٢)
وسميت الآخرة المعاد ولم يكن فيها أحد، ثم صار إليها. وهذا إذا تتبع كثير جدًّا (٣).
قال أبو إسحاق -وذكر هذا المذهب فقال-: قال بعض الناس: لا

(١) هو: أبو خراش، واسمه خويلد بن مرة، شاعر مخضرم، أدرك الإسلام شيخًا كبيرًا فأسلم، وحسن إسلامه، ويعد من أبرز شعراء هذيل، ومات في زمن عمر بن الخطاب؟ متأئرًا بنهشة حية. انظر: "الشعر والشعراء" ٢/ ٦٣٣، و"الأغاني" ٢١/ ٢٠٤، و"الخزانة" ١/ ٢١١، و"الإصابة" ٢/ ٣٦٤، و"معجم الشعراء الجاهليين والمخضرمين" ص ١٥٦، والبيت في "ديوان الهذليين" ٢/ ١٥٠، وروايته (العدل) بدلاً من (الحق) "المسائل الحلبيات" ص ٢٤.
(٢) انظر: "الديوان": ٤١٣، و"الخزانة" ٥/ ١٢١، و"تهذيب اللغة" ٧/ ٣١.
(٣) انظر: "مشكل إعراب القرآن" ٢/ ٧٢٢.


الصفحة التالية
Icon