تجب الكفارة حتى يقول ثانية: أنصت عليّ كظهر أمي، وهذا قول من لا يدري اللغة، وهو خلاف قول أهل العلم أجمعين (١)، هذا الذي ذكرنا مذهب المفسرين والفقهاء.
وأما أهل المعاني فإن أبا الحسن الأخفش قال: تقدير الآية: والذين يظاهرون من نسائهم فتحرير رقبة لما قالوا ثم يعودون إلى نسائهم (٢). أي: فعليهم تحرير رقبة لما قالوا، أي: لما نطقوا به من ذكر التحريم الموجب الامتناع من الوطء إلا بعد التكفير، والجار في قوله: ﴿لِمَا قَالُوا﴾ متعلق بالمحذوف الذي هو خبر الابتداء وهو عليهم.
وقوله: ﴿يَعُودُونَ﴾ أي: إلى نسائهم، يعني: إلى وطئهن الذي كانوا حرموه على أنفسهم بالظهار منهن، وأما التقديم والتأخير الذي قدره في الآية فهو كثير جدًا كقوله: ﴿اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا﴾ [النمل: ٢٨] الآية. والمعنى: فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم. هذا قول الأخفش. وشرحه أبو علي (٣).
قال أبو إسحاق: وهذا مذهب حسن (٤)، وقال ابن قتيبة: أجمع الناس على أن الظهار (٥) يقع بلفظ واحد، وتأويل قوله: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ هو أن أهل الجاهلية كانوا يطلقون بالظهار، فجعل الله حكم الظهار في الإسلام خلاف حكمه عندهم في الجاهلية فقال: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ
(٢) انظر: "معاني الأخفش" ٢/ ٧٠٥، وذِكرُ المؤلف له هنا بالمعنى.
(٣) انظر: "شرح الأبيات المشكلة الأعراب" لأبي علي الفارسي ١/ ١٠٠ - ١٠٢.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٣٥.
(٥) في (ك): (الظاهر).