القتل (١) وأطلق هاهنا، والمطلق يحمل على المقيد ويفسر به (٢).
قوله تعالى: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ أي: يجامعا، وذكر الكلام في هذا عند قوله: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ (٣) فلا يجوز للمظاهر أن يطأها قبل التكفير، وإنما قيل ﴿قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ بعد قوله: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ﴾ لأن المراد به الزوجان، فعاد الكلام إليهما؛ لأن الجماع بينهما، والظهار يختص به الرجال، فأخبر عن الرجال أولاً، فلما انتهى الكلام إلى ذكر المسببين عاد إلى الزوجين لما ذكرنا.
قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ﴾ قال أبو إسحاق: المعنى ذلك التغليظ في الكفارة توعظون به (٤). أي: تؤمرون به من الكفارة ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ من التكفير وتركه ﴿خَبِيرٌ﴾.
٤ - ثم ذكر حكم العاجز عن الرقبة فقال: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ﴾ أي الرقبة ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ﴾ أي فكفارته، أو فعليه صيام شهرين ﴿مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ﴾ الصيام فكفارته إطعام ﴿سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾.
وهذه الأنواع من الكفارات كلها قبل المسيس، فإن جامع قبلها أتى محرمًا ويكون قد أخر الكفارة عن وقتها إلى غير وقتها، ثم يأتي بها على وجه

(١) وذلك في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [النساء: ٩٢].
(٢) وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد في رواية. انظر: "أحكام القرآن" للجصاص ٣/ ٤٣٥، و"المغني" ١١/ ٨١، و"الأم" ٥/ ٢٦٦.
(٣) عند تفسيره الآية (٢٣٧) من سورة البقرة. وانظر: "المفردات" ص ٤٦٧، و"اللسان" ٣/ ٤٨٣ (مس).
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٣٥.


الصفحة التالية
Icon