[الإسراء: ٤٧]، والمعنى هم ذوو نجوى فحذف المضاف وكذلك كل مصدر وصف به.
فأما قوله: ﴿مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ﴾ قال أبو علي: يحتمل جر ﴿ثَلَاثَةٍ﴾ أمرين:
أحدهما: أن يكون مجرورًا بإضافة ﴿نَجْوَى﴾ إليه كأنه ما يكون من سرار ثلاثةٍ، ويجوز أن يكون ﴿ثَلَاثَةٍ﴾ جرًا على الصفة على قياس قوله: ﴿وَإِذْ هُمْ نَجْوَى﴾ (١) وهذا معنى قول الفراء: ﴿ثَلَاثَةٍ﴾ إن شئت خفضتها على أنها من نعت النجوى، وإن شئت أضفت النجوى إليها (٢)، وبيانه أن النجوى إن جعلتها مصدرًا أضفتها إلى ثلاثة، وإن جعلتها بمعنى المتناجين جعلت (ثلاثة) صفة لها.
قال أبو إسحاق: ﴿نَجْوَى﴾ مشتق من النجوة، وهي ما ترتفع وتَنَحَّى (٣). والمتناجيان يتناجيان ويخلوان بسرهما كخلو المرتفع من الأرض عما يتصل به.
ومعنى ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ﴾ أي ما يكون من خلوة ثلاثة يسرون شيئًا ويتناجون به (٤). ومعنى قول المفسرين في النجوى أنها إسرار. قال ابن عباس: ما من شيء تناجي به صاحبك (٥).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٤٠، و"اللسان" ٣/ ٥٩٣ (نجا).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٣٧.
(٤) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢٩.
(٥) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٣٠٧، ولم ينسبه لقائل. ومن عبارة البغوي يتضح السقط هنا، ولعل العبارة: ما من شيء تناجي به صاحبيك إلا هو رابعهم. والله أعلم.