قال ابن عباس: ظنوا أن حصونهم مانعة من سلطان الله، وكانوا أهل حلقة (١) وحصون منيعة، فلم يمنعهم شيء منها (٢)، وهو قوله تعالى: ﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾ أي: أمر الله وعذابه، وهو أنه أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتالهم ومحاصرتهم، فكانوا لا يظنون أن ذلك يكون ولا يحتسبون ﴿وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ قالوا يعني بقتل سيدهم كعب بن الأشرف.
قوله تعالى: ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ ذكر المفسرون في تخريبهم منازلهم ثلاثة أسباب:
أحدها: لما أيقنوا بالجلاء وحسدوا المسلمين أن يسكنوا منازلهم فجعلوا يخربونها من داخل والمسلمون من خارج، وهذا قول عكرمة، وقتادة (٣).
وقال مقاتل (٤): إن المنافقين دسوا إليهم أن لا يخرجوا ودربُوا (٥) على الأزقة وحصنُوها، فنقضوا بيوتهم يبنون بها على أفواه الأزقة ليحصنوها، وكان المسلمون إذا ظهروا على درب من دروبهم تأخر اليهود إلى وراء بيوتهم فنقبوها من أدبارها وخرب المسلمون ما ظهر عليهم من ديارهم ليتسع مجالهم للحرب، فذلك قوله: ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ أنهم عَرضوا لذلك.
(٢) لم أجده عن ابن عباس، ولا عن غيره.
(٣) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٨٣، و"جامع البيان" ٢٨/ ٢٠ عن قتادة.
(٤) في (ك): (قتادة).
(٥) ولعلها (وردموا).