وهذا قول مقاتل عن ابن عباس. قال: كلما ظهر المسلمون على دار من دورهم هدموها ليتسع لهم للقتال، وجعل أعداء الله ينقبون دورهم من أدبارها فيخرجون إلى التي بعدها فيتحصنون فيها ويرمون بالتي خرجوا منها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (١).
وقال محمد بن إسحاق: ذلك هدمهم عن نحف (٢) أبوابهم، وهو أنهم لما صالحوا على أن يحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل كان منهم من يهدم بيته عن نجاف بابه فيضعه على ظهر بعيره (٣). وهذا قول الزهري. قال: كانوا ينظرون إلى الخشبة في منازلهم مما يستحسنونه، أو الباب فيهدمون بيوتهم وينتزعونها ويحملونها على الإبل (٤).
وقراءة العامة ﴿يُخْرِبُونَ﴾ من الإخراب، وقرأ أبو عمرو مشددًا من التخريب (٥)، وكان يقول: الإخراب أن تترك الشيء خرابًا، والتخريب الهدم، وبنو النضير خربوا وما أخربوا (٦)، وقال المبرد: ولا أعلم لهذا

(١) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٧ أ، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٨٧ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣١٥، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٨.
(٢) النجف: هو العتبة، وهو الذي يستقبل الباب من أعلى العتبة. انظر: "تهذيب اللغة" ١١/ ١١٤، و"اللسان" ٣/ ٥٨٨ (نجف).
(٣) انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ٢١، و"البداية والنهاية" ٤/ ٨.
(٤) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٨٢، و"جامع البيان" ٢٨/ ٢١، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣١٥.
(٥) قرأ الجمهور (يُخْربون) بالتخفيف. وقرأ أبو عمرو (يُخَرِّبون) بالتشديد، ووافقه من غير العشرة الحسن، واليزيدي. انظر: "النشر" ٢/ ٣٨٦، و"إتحاف فضلاء البشر" ص ٤١٣.
(٦) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٢٨٣، و"حجة القراءات" ص ٧٠٥، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٨٧ ب.


الصفحة التالية
Icon