أربعة منها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاصة، وكان الخمس الباقي يقسم على خمسة أسهم: سهم منها لرسول الله أيضًا (١)، والأسهم الأربعة لذي القربى واليتامى، كما ذكر الله في هذه الآية، وأما بعد وفاته فللشافعي فيما كان من الفيء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قولان:
أحدهما: أنه للمجاهدين المرصدين (٢) للقتال في الثغور، لأنهم قاموا مقام رسول الله في رباط الثغور.
القول الثاني: أنه يصرف إلى مصالح المسلمين من سد الثغور، وحفر الأنهار، وبناء القناطر يبدأ بالأهم فالأهم، هذا في الأربعة الأخماس التي كانت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأما السهم الذي كان له في خمس الفيء فإنه لمصالح المسلمين بلا خلاف (٣).
قوله تعالى: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ أي ما أفاء الله لهؤلاء الذين ذكرهم كي لا يكون دولة، وهي اسم الشيء يتداوله القوم بينهم يكون لذا مرة ولذا مرة.
والدَّوْلة بالفتح: انتقال حال سارة إلى قوم عن قوم، والدُّولى بالضم:
(٢) في (ك): (المترصدين).
(٣) انظر: "المغني" ٩/ ٢٩٩ وقد احتج الجمهور بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الحديث الصحيح: "... فكانت هذه خالصة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم والله ما احتازها دونكم ولا استأثرها عليكم... " الحديث. ولم يوجبوا الخمس في الفيء، بل قالوا: مصرف الفيء كله إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وقال ابن المنذر: "لا نعلم أحدًا قبل الشافعي قال بالخمس في الفيء، وقد تأول -رحمه الله- قول عمر المذكور بأنه يريد الأخماس الأربعة. انظر: "مسلم بشرح النووي" ١٢/ ٦٩، و"فتح الباري" ٦/ ٢٠٨.