قرأ (جدار) (١) فالمراد في الإفراد الجمع أيضًا، لأنه يعلم أنهم لا يقاتلونهم من وراء جدار واحد (٢).
قوله تعالى: ﴿بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ﴾ قال ابن عباس: بعضهم فظ (٣) على بعض، والمعنى أن بعضهم عدو لبعض (٤).
وقال مجاهد ﴿بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ﴾ قال: بالوعيد، يقولون لنفعلن كذا وكذا (٥)، والمعنى على هذا أنهم يهددون المؤمنين ببإس شديد من وراء الحيطان والحصون، ثم يجبنون عن البروز للقتال، فبأسهم شديد فيما بينهم لا فيما بينهم وبين المؤمنين، فكان القول الأول أظهر.
قال أبو إسحاق: أي أنهم مختلفون لا تستوي قلوبهم ولا يتعاونون بنيات مجتمعة؛ لأن الله عز وجل ناصر حزبه، خاذل أعدائه (٦)، وهذا معنى قول قتادة: أهل الباطل مختلفة أهوائهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق (٧).
(١) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو (جِدَار) بكسر الجيم وفتح الدال وألف بعدها على الأفراد. وقرأ الباقون (جُدُر) بضم الجيم والدال من غير ألف على الجمع.
انظر: "حجة القراءات" ص ٧٠٥، و"النشر" ٢/ ٣٨٦، و"الإتحاف" ص ٤١٣.
(٢) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٣٨٣ - ٣٨٤.
(٣) الفظُّ: الخَشِنُ الكلام، وقيل: الفظ الغليظ، والفَظَظُ: خشونة في الكلام. ورجل فَظُّ: ذو فظاظةٍ جافٍ غليظُ، في مَنطئِه غِلَظٌ وخشونةٌ. "اللسان" ٢/ ١١١١ (فظظ).
(٤) انظر: "الكشف والبيان" ١٣/ ٩٨ ب، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٩٠، و"غرائب القرآن" ٢٩/ ٤٤.
(٥) انظر: "التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٩.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٤٨.
(٧) انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ٣٢، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٩٨ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٢٢.
انظر: "حجة القراءات" ص ٧٠٥، و"النشر" ٢/ ٣٨٦، و"الإتحاف" ص ٤١٣.
(٢) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٣٨٣ - ٣٨٤.
(٣) الفظُّ: الخَشِنُ الكلام، وقيل: الفظ الغليظ، والفَظَظُ: خشونة في الكلام. ورجل فَظُّ: ذو فظاظةٍ جافٍ غليظُ، في مَنطئِه غِلَظٌ وخشونةٌ. "اللسان" ٢/ ١١١١ (فظظ).
(٤) انظر: "الكشف والبيان" ١٣/ ٩٨ ب، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٩٠، و"غرائب القرآن" ٢٩/ ٤٤.
(٥) انظر: "التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٩.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٤٨.
(٧) انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ٣٢، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٩٨ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٢٢.