قال أهل التأويل: وهذه الآية تدل على أن (١) جواز البر بين المسلمين والمشركين، وإن كانت المودة منقطعة فإن الله تعالى أباح ذلك في هذه الآية (٢).
قوله تعالى: ﴿وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ قال ابن عباس: يريد بالصلة وغير ذلك (٣) ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ يريد أهل البر والتواصل.
وقال المقاتلان: أن توفوا لهم بعهدهم وتعدلوا (٤).
قال أبو إسحاق: أي وتعدلوا فيما بينكم وبينهم من الوفاء بالعهد (٥).
وقال المبرد: يقال: أقسطت إلى الرجل إذا عاملته بالعدل.
وقال مجاهد: هذه الآية نزلت في الذين آمنوا بمكة ولم يهاجروا (٦) وهذا قول الربيع في الآية.
٩ - ثم ذكر من الذين ينهاهم عن صلتهم فقال قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ﴾ إلا قوله: ﴿أَنْ تَوَلَّوْهُمْ﴾ أن في موضع

(١) في (ك): (على أن) والصواب حذفها.
(٢) والآية محكمة في قول مجاهد، والحسن، وهو المعتمد عند ابن جرير، وغيره. انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ٤٣، "الإيضاح لناسخ القرآن لمكي" ص ٤٣١، نواسخ القرآن لابن الجوزي: ٢٣٩، وقال النحاس: (وليس لقول من قال إنها منسوخة معنى، لأن البر في اللغة إنما هو لين الكلام والمواساة وليس هذا محظورًا أن ينقله أحد بكافر...). "إعراب القرآن" ٣/ ٤١٦.
(٣) انظر: "تنوير المقباس" ٦/ ٥٤، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٣٠٤.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١٥٢ أ، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٠٤.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٥٨.
(٦) انظر: "تفسير مجاهد" ٢/ ٦٦٨، و"جامع البيان" ٢٨/ ٤٣، و"الدر" ٦/ ٣٠٥.


الصفحة التالية
Icon