خفض على البدل كما ذكرنا في الآية الأولى (١)، والمعنى: إنما ينهاكم الله عن أن تتولوا هؤلاء الذين قاتلوكم. قال أبو إسحاق: أي أن مكاتبتهم بإظهار ما أسره النبي -صلى الله عليه وسلم- موالاة (٢).
١٠ - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ﴾ الآية. وقال جماعة المفسرين لما قاضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الحديبية المشركين على أن يرد إليهم من جاء من المسلمين منهم ولا يردون من جاءهم من المسلمين وكتبوا بذلك العهد جاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية (٣) مؤمنة إلى المسلمين وزوجها مسافر المخزومي -وقال المقاتلان- زوجها صيفى بن الراهب (٤).
وقال الزهري: جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وهي عاتق (٥) فجاء أهلها يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرجعها إليهم. وهذا قول ابن عباس. إلا أنه قال: هربت من زوجها عمرو بن العاص ومعها أخواها
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٥٨.
(٣) سبيعة بنت الحارث الأسلمية، أسلمت بعد صلح الحديبية، ويؤيد هذا أن هبة الله في "الناسخ والمنسوخ" ذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما انصرف من الحديبية لحقت به سبيعة بنت الحارث، امرأة من قريش فبان أنها غير الأسلمية التي تروي عدة المرأة التي مات عنها زوجها، وهذا قول العقيلي، ومنهم من قال بأنها هي، والله أعلم. "الإصابة" ٤/ ٣٢٤ - ٣٢٥. انظر: "تهذيب التهذيب" ١٢/ ٤٢٤، و"الكاشف" ٣/ ٤٧٢.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١٥٢ أ، و"الكشف" ١٣/ ١٠٨ ب، و"أسباب النزول" للواحدي ص ٤٨٩، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٣٢.
(٥) العاتق: الشابة أول ما تُدرك، وقيل: هي التي لم تبن من والديها ولم تتزوج، وقد أدركت وشبت. اللسان ٢/ ٦٧٨ (عتق).