وللشافعي رحمه الله في كيفية اعتبار اليأس قولان:
أحدهما: أن (١) يعتبر غالب عادة نسائها ومن في مثل حالها، فإذا مضت عليها تلك المدة ولم تحض علمنا أنها يئست (٢).
فمعنى الارتياب على القول الأول: الجهالة بحكم العدة. أي إن جهلتم عدة الكبيرة وشككتم في عدتها فلم تدروا كم هي ثلاثة أشهر. وعلى القول الثاني معنى الارتياب الشك في حالة المرأة أهي آيسة أم ذات حيض ويستأنى بها إحدى العادتين اللتين ذكرناهما. فلما نزل قوله: ﴿فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ﴾ قام رجل فقال: يا رسول الله: فما عدة الصغيرة التي لم تحض؟ فنزل: ﴿وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ -أي: هن بمنزلة الكبيرة التي قد يئست عدتها ثلاثة أشهر. فقام آخر فقال: فالحامل (٣) يا رسول الله ما عدتهن؟ فنزل: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ (٤). معناه: أجلهن في انقطاع ما بينهن وبين

(١) في (س): (أن) زيادة.
(٢) في (س): (آيسة). وانظر: "المجموع" ١٨/ ١٤٤، و"المغني" ١١/ ٢١١.
(٣) في (س): (فالحوامل).
(٤) ذكر مقاتل نحوه وذكر اسم السائل وهو خلاد بن النعمان بن قيس الأنصاري، ونقله الثعلبي عن مقاتل. انظر: "تفسير مقاتل" ١٥٨/ ب، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٤٣ أ - ب، و"أسباب النزول" للواحدي ص ٥٠٣.
قلت: ذكر الثعلبي عند سبب النزول أن الآية نزلت بكاملها، ثم أورد قول مقاتل. وهذه دلالة على ترجيحه لغير ما قاله مقاتل. وهو الصواب إن شاء الله إذ القرآن لا يليق به غير هذا، وتقطيع الآية بهذه الصورة يفكك النظم بين مفردات الآية الواحدة. ويشهد لهذا ما أخرجه ابن جرير وإسحاق بن راهوية والحاكم وغيرهم لما نزلت عدة النساء في سورة البقرة.. قال أبي بن كعب: يا رسول الله إن ناسًا يقولون: قد بقي من النساء من لم يذكر فيهن الصغار وذوات الحمل. فنزلت: =


الصفحة التالية
Icon