أعلمك أي شيء الحاقة (١).
وقال أهل المعاني: إنما قيل له: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣)﴾ مع أنه يعلمها؛ لأنه إنما يعلمها بالصفة، فقيل تفخيماً لشأنها: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣)﴾، أي: كأنك (٢) لست تعلمها (٣) إذا (٤) لم تعاينها، ولم تر ما فيها من أهوالها (٥).
قال مقاتل: ثم أخبر عنها فقال:
٤ - ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤)﴾ أي أنها: القارعة التي كذبت بها ثمود وعاد (٦). ونحو هذا قال صاحبُ النظم، فقال: ثم وصف عز وجل ﴿الْحَاقَّةُ﴾ مَا هي، فقال: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤)﴾، وهذا وهم؛ لأن قوله: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ﴾ إخبار عن تكذيبهم بالساعة، وليس وصفاً للحاقة، ولا خبراً عنها (٧).
قال المبرد: قال الله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣)﴾، ثم لم يقع لها تفسير، وقد يقع البيان في التنزيل عما يستفهم (٨) عنه للتعظيم، وقد لا يقع، فما وقع عنه البيان: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ﴾ [القارعة: ٣ - ٤] قوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠) نَارٌ حَامِيَةٌ (١١)﴾ [القارعة: ١٠ -

(١) نقله الواحدي بنصه عن الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٣.
(٢) في (أ): كانت.
(٣) في (ع): بعلمها.
(٤) في (ع): إذ.
(٥) انظر قول أهل المعاني في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٥، و"زاد المسير" ٨/ ٧٨ - ٧٩.
(٦) "تفسير مقاتل" ٢٠٦/ ب.
(٧) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٨) في (أ): يستقيم.


الصفحة التالية
Icon