وقال الضحاك: يعني به خيار المؤمنين (١). ولفظ الآية على ما قال. ونحو ذلك قال الكلبي: هم المخلصون الذين ليسوا بمنافقين (٢).
قال الفراء: وصالح المؤمنين مثل أبي بكر وعمر، الذين ليس فيهم نفاق، وهو موحد في مذهب جمع كما تقول: لا يأتيني إلا سائس الحرب، فمن كان ذا سيسة للحرب فقد أمر بالمجيء واحداً كان أو أكثر (٣).
وقال الزجاج: وصالح المؤمنين هاهنا ينوب عن الجميع كما تقول: يفعل هذا الخيرُ من الناس؛ تريد كل خيّر (٤)، هذا كلامهما. وقد حصل أن قوله: ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يجوز أن يراد به الواحد والجماعة، ثم الكلام في التعيين والتفصيل يكون إلى المفسرين على ما حكينا عنهم.
وقال قتادة وسفيان: صالح المؤمنين هم الأنبياء (٥). وعلى هذا معنى الآية: أن الأنبياء يوالونه وهم له أولياء، كما أن الله تعالى وليه وجبريل وليه. أي فلا يضره معاداة من عاداه.
وأظهر هذه الأقوال قول من قال: إن المراد بصالح المؤمنين أبو بكر وعمر؛ لأن الخطاب في هذه الآية لابنتيهما عائشة وحفصة، وكأنه قيل لهمما: إن تعاونتما على إيذاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن أبويكما لا يوافقانكما ولا

(١) انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ١٠٥، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٤٤.
(٢) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٥١ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٦٦.
(٣) انظر: "معاني القرآن" ٣/ ١٦٧.
(٤) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١٩٣.
(٥) انظر:"تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٠٢، و"جامع البيان" ٢٨/ ١٠٥.
قلت: وهذا المعنى بعيد عن ظاهر الآية، وأي فائدة في موالاة الأنبياء عليهم السلام لنبينا -صلى الله عليه وسلم- في هذه القصة، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon