ذنوبكم (١).
ويجوز أن يريد: يغفر لكم السالفة من ذنوبكم، وهي بعض الذنوب التي تضاف إليهم، ولما كانت ذنوبهم التي يستأنفونها لا يجوز الوعد بغفرانها على الإطلاق قيدت بهذا التقييد (٢).
قال مقاتل: (من) هاهنا صلة، يعني: يغفر لكم ذنوبكم (٣). (ونحوه قال الكلبي (٤)) (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾، قال الفراء: يريد إلى أجل تعرفونه لا يميتكم غرقاً، ولا حرقاً (٦)، ولا قتلاً.
وليس في هذا حجة لأهل القدر (٧) (٨)؛ لأنه إنما أراد: مسمى عندكم -قال-، ومثله قوله: ﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧]، أي: عندكم في

(١) غير واضحة لبياض في: (ع).
(٢) وقد اعتبر ابن عطية هذا القول من أبين الأقوال عنده. مرجع سابق.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ أ، وقد رد السمرقندي قول مقاتل في "بحر العلوم" ٣٠/ ٣٥٦.
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٥) ساقطة من: (أ).
(٦) في (أ): خوفًا.
(٧) أهل القدر: هم المعتزلة، ومن مذهبهم في ذلك أن العباد الخالقون لأفعالهم، والمستقلون في أعمالهم، بدون سبق قدر؛ وقد تقدم الكلام عنهم.
(٨) حيث تعلق بقوله: ﴿وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾، المعتزلة في قولهم: إن للإنسان أجلين، وذلك أنهم قالوا: لو كان واحدًا محدودًا لما صح التأخير إن كان الحد قد بلغ، ولا المعاجلة إن كان الحد لم يبلغ. قاله ابن عطية، انظر: "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٣. ولهذا فعندهم أن المقتول مات بالقتل، وليس بأجله، ولو لم يقتل لعاش. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" ١٤٩.


الصفحة التالية
Icon