ومنهم من يجعل الإضلال للأصنام، ويكون المعنى: قد أضل (١) بسببها كثيرًا من الناس، كقوله تعالى: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ (النَّاسِ) (٢)﴾ [إبراهيم: ٣٦]، وأجرى الأصنام في هذه الآية على هذا القول مجرى الآدميين كقوله: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ﴾ [الأعراف: ١٩٥] الآية، وقد تقدم الكلام في ذلك (٣).
وهذا القول حكاه الفراء (٤)، ولعله قول الكلبي.
﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ﴾ قال الكلبي (٥)، ومقاتل (٦): يعني المشركين بعبادتهم الأوثان.
﴿إِلَّا ضَلَالًا﴾ إلا خسراناً. وهذا دعاء عليهم بعد أن أعلمه الله أنهم لا يؤمنون، كما قال تعالى: ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ﴾ (٧).
قوله تعالى: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ﴾ ((ما) صلة كقوله ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ﴾ (٨)،
(٢) ساقطة من: (أ).
(٣) في سورة إبراهيم: ٣٦: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ قال أبو إسحاق وغيره: أي ضُلِّلُوا بسببها؛ لأن الأصنام لا تعقل، ولا تفعل شيئًا، كما تقول: قد فتنتني هذه الدار، أي أحببتها، واستحسنتها، وافتتنت بسببها. فلما ضل الناس بسببها صارت كأنها أضلتهم، فنسب الفعل إليهم. انظر: "تفسير البسيط" بتصرف.
(٤) "معاني القرآن" ٣/ ١٨٩.
(٥) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٧) سورة هود: ٣٦: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)﴾ [هود: ٣٦]
(٨) سورة النساء: ١٥٥: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ الله عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (١٥٥)﴾.