وقال أبو إسحاق: من حمل (١): ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾ على قوله: ﴿فَآمَنَّا بِهِ﴾ يقول: فآمنا به، وبأنه تعالى جد ربنا، وكذلك ما بعدَه، وهو ردئ في القياس، لا يُعطف على (الهاء) المخفوض إلا بإظهار الخافض، ولكن وجهه أن يُحمل على معنى: (آمنا به)، لا على لفظ: (آمنا به)، ومعنى (٢) آمنا به: صدقناهُ، وعلمناه، ويكون المعنى: وصدقنا أنه تعالى جد ربنا (٣).
وقال أبو علي: من قرأ بالفتح، فإنه على العمل على (أوحي) (٤)، وهذا ضعيف جدًّا (٥)؛ لأن المعنى على الإخبار على الجن (٦) أنهم قالوا: "وأنه تعالى جد ربنا"، "وأنه كان يقول"، وليس المعنى على أوحي إلى "أنه تعالى جد ربنا"، "وأنه كان يقول سفيهنا"، إلا أن بعض ما فتح من "أن" في هذه السورة يحسن حملها على "أوحي" (٧)، ونذكر ذلك في

(١) في (أ): جعل.
(٢) في: (أ): معنا.
(٣) إلى هنا انتهى قول الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٣٤، وقد نقله عنه بتصرف.
(٤) "الحجة" ٦/ ٣٣٢.
(٥) لأنه ينقص المعنى ويغيره. إذا حملت سائر الآيات في الثلاثة عشر موضعًا من هذه السورة، والتي من قول: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى﴾ إلى قوله: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ﴾ على ما قبلها من قوله: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ﴾، وذلك لأنه لا يحسن أن يقال: وأوحي إلى أنه لما قام عبد الله، ولا يحسن وأوحي إلى أنه كان يقول سفيهنا على الله شططًا. قاله مكي بن أبي طالب في الكشف: ٢/ ٣٤١.
(٦) في: (أ): الحق.
(٧) قال مكي: وحجة من فتح الثلاثة عشر أنه عطف على "قل أوحي إلى أنه"، فلما عطف على ما عمل فيه الفعل فتحه كله. الكشف: مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon