وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ﴾، أي كما أضل من أنكر عدد الخزنة، ولم يؤمن به، وهدى من صدق ذلك وآمن به.
﴿يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾.
وأنزل في قول أبي جهل: أما لمحمد من الجنود إلا تسعة عشر: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾، قال مقاتل: أي من الكثرة (١).
وذلك أنهم استقلوا ذلك العدد، فأخبر الله تعالى عن كثرة جنوده، بأن أعيانهم وعددهم لا يعلمها إلا هو.
وقال عطاء: "جنود ربك" يعني: من الملائكة الذين خلقهم، يعذبون أهل النار، لا يعلم عدتهم إلا الله (٢).
وعلى هذا "تسعة عشر" هم خزنة النار، ولهم الأعوان والجنود من الملائكة ما لا يعلمه إلا الله.
ثم رجع إلى ذكر سقر فقال: ﴿وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾.
قال ابن عباس (٣)، (ومقاتل (٤)) (٥)، أي: موعظة وتذكرة للعالم.
وقال أبو إسحاق: جاء في التفسير أن النار في الدنيا تذكر النار في
(١) "تفسير مقاتل" ٢١٦/ ب.
(٢) "معالم التنزيل" ٤/ ٤١٧.
(٣) لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد في الوسيط: ٤/ ٣٨٥ من غير عزو.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢١٦/ ب.
(٥) ما بين القوسين ساقط من: (أ).