أن المراد: أقسم بيوم القيامة. وكذلك ما بعده، وقد ذكرنا فيما تقدم (١) من مثل هذا وجهين:
أحدهما: أن (لا) صلة (٢). والثاني: أن تكون ردًّا لكلام قد سبق. وكلا الوجهين هاهنا جائز، وإن وقع (لا) في أول السورة؛ لأن القرآن قوله كالسورة الواحدة، لاتصال بعضه ببعض، فمجازه مجاز الكلام الواحد، والذي يدل عليه: ذلك أنه قد يذكر الشيء في سورة، فيجيء جوابه في سورة أخرى، كقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦)﴾ [الحجر: ٦]، جاء جوابه في سورة أخرى، وهو قوله: ﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢)﴾ [القلم: ٢].
وإذا كان الأمر على هذا جاز أن تكون (لا) صلة لقوله: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ﴾ [الحديد: ٢٩]، و ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٥٩]. هذا قول أبى إسحاق (٣) وأبى علي (٤).
وأما أهل المعاني فقال بذلك أبو عبيدة في "مجاز القرآن" ٢/ ٢٧٧، والزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٥١.
(١) كما جاء في سورة الواقعة: ٧٥، وسورة القلم: ١٧، وسورة الحاقة: ٣٨.
(٢) أي: حرف زائد، والقول بأن (لا) صلة من اصطلاح الكوفيين. انظر. "نحو القراء الكوفيين" ٣٤١.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٥١، نقل عنه الواحدي بتصرف، وأكثر تفصيلًا.
(٤) "الحجة" ٦/ ٣٤٣، ٣٤٤ بتصرف.