عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} [القمر: ٣٤] ثم هدد وأوعد فقال: ﴿فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ قيل في النذير هاهنا: أنه المنذر، يعني محمدًا -صلى الله عليه وسلم-. وهو قول عطاء عن ابن عباس والضحاك (١). وقيل: إنه بمعنى الإنذار، والمعنى: فستعلمون رسولي وصدقه حين (٢) لا ينفعكم ذلك، أو: فستعلمون عاقبة إنذاري إياكم بالكتاب والرسول، وهو العذاب (٣).
و (كيف) في قوله: ﴿كَيْفَ نَذِيرِ﴾ ينبئ عما ذكرنا من صدق الرسول أو عقوبة الإنذار. ثم أخبر عن غيرهم من الكفار بقوله: ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ قال ابن عباس: يريد عادًا وثمودًا، وكفار الأمم (٤).
﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ قال مقاتل: تغييري وإنكاري أليس وجدوا العذاب حقًّا (٥).
ثم وعظهم ليعتبروا فقال: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ﴾، قال المفسرون: تصف أجنحتها في الهواء. ﴿وَيَقْبِضْنَ﴾، أي: يقبضنها إلى أنفسها بعد الصف.
قال ابن قتيبة: يضربن بها جنوبهن (٦) وقال المبرد: وهذا معنى الطيران، وهو بسط الجناح وقبضها بعد البسط. وأنشد هو وأبو عبيدة قول

(١) في (س): (والضحاك) زيادة. وانظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ٧٠، و"غرائب القرآن" ٢٩/ ٩.
(٢) في (ك): (وصدقه إلى حين)، والصواب ما أثبته.
(٣) انظر: "جامع البيان" ١٢/ ٢٩/ ٦، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٣٩٨.
(٤) انظر: "تنوير المقباس" ٦/ ١٠٩، و"زاد المسير" ٨/ ٣٢٢، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٧١.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦٢ أ.
(٦) انظر: "تفسير غريب القرآن" ص ٤٧٥.


الصفحة التالية
Icon