أبي خراش (١):

كَأَنَّهُمُ يُشَبَّثُونَ بِطَائِرٍ خَفِيفِ المُشَاشِ عَظْمُهُ غَيْرُ ذي نُحْضِ
يُبَادِرُ جُنْحَ اللَّيْلِ فَهْوُ مُهَابِذٌ يَحُثُّ الجَنَاحَ بالتَّبَسُّطِ والقَبْضِ (٢)
وعطف قوله: ﴿وَيَقْبِضْنَ﴾ على ﴿صَافَّاتٍ﴾ لأن معناه: وقابضات، وهذا بيان عما يوجبه حال الطير في قبضها وبسطها متصرفة في الهواء من الاعتبار، بتمكينها حتى أمسكت على ثقلها وضخم أبدانها، من الذي أمسكها وسخر لها الهواء؟ وهو معنى قوله: ﴿مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ﴾، أي: في الحالتين، جميعًا. في حال الصف والقبض، وفي ذلك أكبر الآية، وأوضح العبرة. وهذا كقوله: ﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ﴾ الآية [النحل: ٧٩].
٢٠ - ولما كان الكفار يمتنعون عن الإيمان وينكرون التوحيد مع وضوح الأدلة صاروا كأنهم يمتنعون من عذاب الله بجند، وأشبهت حالهم من يملك دفع العذاب إن أتاه، فقال الله تعالى منكرا عليهم أن (٣) يكون لهم
(١) في (س): (قول أبي خراش) زيادة.
(٢) انظر: "ديوان الهذليين" ٢/ ١٥٩ و"الحماسه" لأبي تمام ١/ ٣٨٦، و"الإنصاف" لابن الأنباري ص ٣٩٠، و"تهذيب اللغة" ٦/ ٢٧٦، و"اللسان" ٣/ ٧٦١ (هبذ)، و"الخزانة" ٥/ ٤١٩.
والنحض: اللحم، والقطعة الضخمة منه تسمى نحضة، والمنحوض والنحيض: الذي ذهب لحمه.
والمهابذة: الإسراع. وهابذ: أسرع في مشيته أو طيرانه، والمشاش: رؤوس العظام مثل الركبتين والمرفقين. انظر: "اللسان" ٣/ ٤٨٨، ٥٩٧، ٧٦١ (مشش، نحض، هبذ).
(٣) في (س): (أن) زيادة.


الصفحة التالية
Icon