وفي الآية قول آخر: قال مقاتل: يعني بينا له سبيل الهدي، وسبيل الضلالة، إما أن يكون موحدًا فيما بيّن له، أو كافرًا فلا يوحده (١).
وقال مجاهد: (إنا هديناه السبيل) قال: الشقاء والسعادة (٢).
والمعنى على هذا: بينا له سبيل الحق، والباطل، وعرفناه طريق الخير والشر، كقوله: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ (٣)
قال الفراء: و (إما) (أنْ) (٤) تكون على: (إما) التي في قوله: ﴿إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ﴾ (٥) فكأنه قال: خلقناه شقيًا، أو سعيدًا (٦).

= التوفيق والإلهام، ورابعها: الهداية إلى الجنة والنار يوم القيامة. انظرت "شفاء العليل" لابن قيم الجوزية: ١١٧.
(١) "تفسير مقاتل" ٢١٩/ ب.
(٢) "جامع البيان" ٢٩/ ٢٠٦، "النكت والعيون" ٦/ ١٦٤، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ١٢٠. وانظر مجموع "فتاوى ابن تيمية" ١٦/ ١٤٣، وعزاه إلى ابن أبي حاتم. والهداية بقول مجاهد -هي هداية التوفيق والإلهام، وهي المرتبة الثالثة من مراتب الهدى، وهذه المرتبة تستلزم أمرين:
أحدهما: فعل الرب، وهو الهدى. والثاني: فعل العبد، وهو الاهتداء، وهو أثر فعله الله تعالى، فهو الهادي، والعبد المهتدي. قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ﴾ [الإسراء: ٩٧]، ولا سبيل إلى وجود الأثر إلا بمؤثره التام، فإن لم يحصل فعله لم يحصل فعل العبد، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾ [النحل: ٣٧]. "شفاء العليل" ١٤١.
(٣) سورة البلد: ١٠.
(٤) ساقط من (ع).
(٥) سورة التوبة: ١٠٦. قال تعالى: ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
(٦) "معاني القرآن" ٣/ ٢١٤ بنصه.


الصفحة التالية
Icon