وقال الزجاج: معناه: هديناه الطريق إما الشِقْوة، وإما السَّعادة (١).
والآية حجة على القدرية (٢)؛ لأن الله تعالى ذكر أنه هدى الإنسان (إلى) (٣) طرق السعادة، والشقاوة، وانتصب شاكرًا أو كفورًا على القول الأول بإضمار على التقدير (٤): إما (كان) (٥) شاكرًا، وإما جعلناه (٦) كفورًا، ودل عليه قوله: هديناه السبيل على هذا المضمر.
ويجوز أن ينتصب على الجار بتقدير: هديناه السبيل شاكرًا أو كفورًا

(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٥٧.
(٢) القائلة بأن العبد يخلق فعله، وأن الله لا يخلق أفعال العباد، ورتبوا عليها مسألة الهدى والضلالة، فقالت المعتزلة: الهدى من الله بيان طريق الصواب، والإضلال: تسمية العبد ضالاً، وحكمه تعالى على العبد بالضلال عند خلق العبد الضلال في نفسه، -وهذا مبني على أصلهم الفاسد، أن أفعال العباد مخلوقة لهم-. والصحيح: أن الله سبحانه وتعالى يهدي من يشاء، ويعصم ويعافي فضلاً، ويُضل من يشاء، ويخذل ويبتلي عدلًا، ودليله قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: ٥٦]. ولو كان الهدى بيان الطريق لما صح هذا النفي عن نبيه؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- بين الطريق لمن أحب وأبغض. وقال تعالى: ﴿يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ ولو كان الهدى من الله البيان، وهو عاصم في كل نفس لما صح التقييد بالمشيئة. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" ٩٨. وللاستزادة والتفصيل يراجع كتاب: "المعتزلة في أصولهم الخمسة ورأي أهل السنة فيها"، رسالة ماجستير، إعداد: عبد الله المعتق: ٢٠٩ - ٢٢٩.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (ع).
(٤) في (ع): تقدير.
(٥) ساقطة من (أ).
(٦) في (أ): جعلاه.


الصفحة التالية
Icon