عَدّل قامته (١).
﴿وَالَّذِي قَدَّرَ﴾ وقرئ بالتخفيف (٢)، وهما بمعنى واحد (٣)، وقد ذكرناه (٤) في مواضع (٥).
قال عطاء: قدر من النسل مَا أراد (٦). وقال مقاتل: قدر خلق الذكر

= [الشمس: ٧]، ﴿فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ البقرة: ٢٩]، فالتسوية شاملة لجميع مخلوقاته، ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ [الملك: ٣] وما يوجد من التفاوت، وعدم التسوية، فهو راجع إلى عدم إعطاء التسوية للمخلوق، فإن التسوية أمر وجودي تتعلق بالتأثير والإبداع، فما عُدم منها فالعدم بإرادة الخالق بالتسوية، وذلك أمر عَدَمي يكفي فيها عدم الإبداع والتأثير، ففي قوله: ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ التفاوت حاصل بسبب عدم مشيئة التسوية، كما أن الجهل، والصمم، والعمى، والخرس، والبكم يكفي فيها عدم مشيئة خلْقها وإيجادها، والمقصود أن كل مخلوق فقد سواه خلقه سبحانه في مرتبة خلقه، وإن فاتته التسوية من وجه آخر لم يخلق له. قاله ابن قيم الجوزية في: "شفاء العليل": ١١٨.
(١) ما مضى من الأقوال داخله في المرتبة الأولى من مراتب الهداية، وهي الهداية العامة؛ هداية كل نفس إلى مصالح معاشها وما يقيمها، المتضمنة أربعة أمور عامة وهي: الخلق، التسوية، التقدير، الهداية: "شفاء العليل": ١١٧.
(٢) قرأ بذلك: الكسائي وحده: "قدَرَ" خفيفاً، وقرأ الباقون: ﴿وَالَّذِي قَدَّرَ﴾ مشددة. انظر: كتاب "السبعة": ٦٨٠، "القراءات وعلل النحويين فيها": ٢/ ٧٦٧، و"الحجة": ٦/ ٣٩٨، "المبسوط": ٤٠٥، "النشر": ٢/ ٣٩٩، "الوافي": ٣٧٩.
(٣) أي قَدَر، وقَدِّر. فكلا الوجهين حسن. قاله أبو علي: "الحجة": ٦/ ٣٩٨.
(٤) في: ع: ذكرنا.
(٥) المواضع التي ذكر فيها ﴿قُدِرَ﴾: سورة فصلت: ١٠: قال تعالى: ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾: سورة المدثر: ١٨ - ٢٠ قال تعالى: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾.
(٦) "شفاء العليل": ١١٨، بإضافة: ثم هدى الذكر للأنثى.


الصفحة التالية
Icon