فأراد الله تعالى أنهم يقتاتون ما لا يشبعهم، وضُرب الضريع لهم مثلاً، أو يعذبون بالجوع كما يعذب من قوته الضريع، وهذا وجه (١). وقد يكون الضريع، وشجرة الزقوم (نبتتين) (٢) من النار، أو من جوهر لا تأكله النار (٣)، وكذلك سلاسل النار، وأغلالها، وأنكالُها، وعقاربها، وحيَّاتها، ولو كانت على ما نعلم لم تبق على النار، وإنما دلنا الله على الغائب (٤) عنده بالحاضر عندنا، فالأسماء متفقة للدلالة، والمعاني

= الحِلة، جدود، وجرود، وحرود التي لا لين لها. انظر: شرح أشعار الهذليين. المرجع السابق.
(١) وبه أيضًا قال الشنقيطي في "دفع إيهام الاضطراب" ١٠/ ٣٠١، ورد هذا الوجه الترمذي الحكيم قال: وهذا نظر سقيم من أهله، وتأويل دنيء كأنه يدل على أنهم تحيروا في قدرة الله تعالى، وأن الذي أنبت في هذا التراب هذا الضريع قادر على أن ينبته في حريق النار، كما جعل لنا في الدنيا من الشجر الأخضر نارًا، فلا النار تحرق الشجر، ولا رطوبة الماء ني الشجر تطفئ النار، فقال تعالىٍ: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾ [يس: ٨٠]، وكما قيل حين نزلت: ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾، قالوا يا رسول الله: كيف يمشون على وجوههم قال: الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم، فلا يتحير في مثل هذا إلا ضعيف، أو ليس أخبرنا أنه ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾، وقال ﴿سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ﴾ فإنما يتلون عليهم العذاب بهذه الأشياء. "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٣١ - ٣٢.
وأجاب القشيري أيضًا حول دفع الاضطراب عن هذه الآية قال:
إن الذي يبقي الكافرين في النار ليدوم عليهم العذاب يبقي النبات وشجر الزقوم في النار ليُعَذب بها الكفار.
"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٣١ - ٣٢.
(٢) ساقط من (أ).
(٣) غير واضحة في (ع).
(٤) في (أ): (المغايب).


الصفحة التالية
Icon