وقال الكلبي: أبطأ جبريل خمس عشرة ليلة (١).
وقال ابن جريج: اثني عشر يومًا (٢).
واختلفوا أيضًا في سبب احتباس (٣) جبريل، فذكر أكثر المفسرين (٤): أن اليهود سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الروح وذي القرنين، وأصحاب الكهف فقال: سأخبركم، ولم يقل إن شاء الله، فاحتبس عنه الوحي، وهذه القصة ذكرناها قديمًا (٥).
وقال ابن زيد: كان سبب ذلك كون جروٍ في بيته، فلما نزل جبريل

(١) "التفسير الكبير" ٣١/ ٢١١.
(٢) "النكت والعيون" ٦/ ٢٩٢، و"التفسير الكبير" ٣١/ ٢١١، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٩٢، قال محقق "النكت والعيون" وهذا من مراسيل ابن جريج.
(٣) في (أ): (أحباس).
(٤) حكاه عن أكثر المفسرين: البغوي في "معالم التنزيل" ٤/ ٤٩٧، ٤٩٨، والفخر الرازي في التفسير الكبير" ٣١/ ٢١١، وانظر: "بحر العلوم" ٣/ ٤٨٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٩٣.
(٥) في سورة الإسراء: ٨٥.
وقال ابن حجر معلقاً على ما ذكر من سورة الضحى: كانت سبب نزول في إبطاء نزول الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ووقع في سيرة ابن إسحاق في سبب نزول "والضحى" شيء آخر، فانه ذكر أن المشركين سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم-عن ذي القرنين والروح وغير ذلك ووعدهم بالجواب ولم يستثنِ، فأبطأ عليه جبريل اثنتى عشرة ليلة أو أكثر، فضاق صدره، وتكلم المشركون، فنزل جبريل بسورة "والضحى"، وبجواب ما سألوا، وبقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾. انتهى، وذكر سورة الضحى هنا بعيد، لكن يجوز أن يكون الزمان في القصتين متقاربًا، فضم بعض الرواة إحدى القصتين إلى الآخرى، وكل منهما لم يكن في ابتداء البعث، وإنما كان بعد ذلك بمنة. والله أعلم.
"فتح الباري" ٨/ ٧١٠.


الصفحة التالية
Icon