البخاري (١) فقال: قال ابن عُيَيْنة: إن مع كل عسر يسرًا، كقوله: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾ [التوبة: ٥٢] و"لن يغلب عسر يسرين" (٢) يعني أن أحد اليسرين يدرك صَاحب اليسر لا محَالة؛ إما يسر الدنيا، وإما يسر الآخرة، كما أن المجاهد في سبيل الله لن (٣) يفوته أحد الحسنيين.
وذهب بعضهم (٤) في الآية إلى أنه من مظاهر (٥) القول الذي يراد به التأكيد، كقوله ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [التكاثر: ٣ - ٤]، ونحوه مما تكرر في القرآن (٦) وهو في الشعر والكلام أيضًا كثير، كقول الشاعر (٧):

(١) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بذدزبة البخاري؛ صاحب "الصحيح"، رحل في طلب الحديث إلى سائر محدثي الأمصار، توفي أبو عبد الله ليلة السبت ليلة الفطر سنة ٢٥٦ هـ وقبر في خرتنك.
انظر: "طبقات الحنابلة" لابن أبي يعلى: ١/ ٢٧١: ت: ٣٨٧، و"طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي ٢/ ٢، و"تهذيب الكمال" ٢٤/ ٤٣٠: ت: ٥٠٥٩.
(٢) "الجامع الصحيح" ٣/ ٣٢٦، كتاب التفسير: باب: ٩٤ بيسير من التصرف، "تفسير سفيان بن عيينة" ٣٤٧.
(٣) في (أ): (أن).
(٤) كابن قتيبة في: "تأويل مشكل القرآن" ٢٣٦.
(٥) في (أ): (ظاهر).
(٦) نحو قوله تعالى: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ سورة القيامة: ٣٤ - ٣٥. وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ سورة الانفطار: ١٧ - ١٨
مستفاد من "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٣٦.
(٧) البيت لعبيد بن الأبرص.


الصفحة التالية
Icon