-صلى الله عليه وسلم- يصلي لأطأن على رقبته، فأنزل الله هذه الآيات (١)

(١) أخرجه سلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال أبو جهل: هل يُعفَّرُ محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى، لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته، ولأعفّرن وجهه في التراب، قال: فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي -زعم- ليطأ على رقبته، قال: فما فَجِئَهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتقي بيديه، قال: فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نار، وهولاً، وأجنحة بيديه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لودنا مني لاختطفته الملائكة عُضواً عُضواً". قال: فأنزل الله عز وجل -لا تدري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه-: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (٨) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ وذكر تمام السورة. ٤/ ٢١٥٤، ح: ٣٨: كتاب صفات المنافقين وأحكامهم: باب ٦.
كما أخرجه الإمام أحمد في "المسند" ٢/ ٣٧٠، والنسائي في تفسيره: ٢/ ٥٣٤ - ٥٣٥، ح: ٧٠٣: سورة اقرأ باسم ربك. وعزاه المزي في "تحفة الأشراف" للنسائي الكبرى ١٠/ ٩٢ ح ١٣٤٣٦ كتاب الملائكة كلاهما بهذا الإسناد. "جامع البيان" ٣٠/ ٢٥٣، و"النكت والعيون" ٦/ ٣٠٦، و"معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٨، و"زاد المسير" ٨/ ٢٧٩، و"التفسير الكبير" ٣٢/ ٢٠، و"لباب التأويل" ٤/ ٢٩٤، و"الصحيح المسند" ٢٣٥، و"لباب النقول في أسباب النزول" للسيوطي ص ٢٣٢، و"الكشف والبيان" ١٣/ ١٢٢ أ، و"الدر المنثور" ٨/ ٥٦٥ وعزاه إلى ابن المنذر، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي، و"دلائل النبوة" ١/ ١٨٩. وممن قال أنها نزلت في أبي جهل: مجاهد، وقتادة، وابن عباس. "جامع البيان" ٣٠/ ٢٥٤، وعزاه الوادعي صاحب "الصحيح المسند" إلى ابن عباس بسند صحيح ٢٣٦ بنحوه.
وفيه فأنزل الله: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى﴾ إلى قوله: ﴿كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾. قال ابن عاشور -بعد ما ذكر رواية أبي هريرة في نزول ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى﴾ -: ورواه ابن عباس في نزول ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى﴾ لأن كلاهما في أبي جهل.
ووجه الجمع بين الروايتين أن النازل في أبي جهل بعضه مقصود، وهو ما أوله: =


الصفحة التالية
Icon