وقد جمعوا "أحدًا" الذي هو صفة على أحْدان، وهو جمع لـ: "أحد" الذي يراد به الرفع من الموصوف والتعظيم له، وأنه منفرد عن الشبه والمثل (١). هذا كلامه.
ومعناه: أن "أحدًا" إن جعلته اسمًا لله تعالى فمعناه أنه شيء لا ينقسم في نفسه (٢)، وفيه إبطال مذهب المجسمة (٣)؛ لأن الجسم ليس بواحد إذ هو

(١) "الحجة" ٦/ ٤٥٨ - ٤٥٩ باختصار.
(٢) قوله: "إنه لا ينقسم في نفسه" هذا لفظ مجمل يحتمل حقًّا، وهو: نفي أنه تعالى يتفرق أو يتجزأ، أو أنه ركب من أجزاء، ويحتمل معنى باطلاً، وهو: نفي علوه على عرشه ومباينته لخلقه، أو نفي صفة الوجه واليدين ونحوها مما يليق بجلاله وعظمته. وقد اشتهر لدى المتكلمين، ومنهم الأشاعرة، ذكر هذا على المعنى الثاني، ولا شك أنه إطلاق باطل، لأن إثبات العلو والاستواء لا يستلزم الانقسام الذي نفاه هؤلاء، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية ما في قول المتكلمين: "واحد لا قسيم له" من حق وباطل فقال:
قولهم هو واحد لا قسيم له في ذاته، أو لا جزء له أو لا بعض له، لفظ مجمل، فإن الله سبحانه وتعالي أحد صمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، فيمتنع أن يتفرف أو يتجزأ، أو يكون قد ركب من أجزاء، لكنهم يدرجون في هذا اللفظ نفي علوه على عرشه ومباينته لخلقه وامتياز عنهم، ونحو ذلك من المعاني المستلزمة لنفيه وتعطيله، ويجعلون ذلك من التوحيد. "التدمرية: لابن تيمية" تح: محمد السعوي ص ١٨٤ - ١٨٥.
(٣) لفظ المجسمة لفظ مجمل اختلف المتكلمون في تحديده وتحريفه، واضطربوا فمثلًا يرى من ينفي الأسماء والصفات كالجهمية: أن من يثبت الأسماء لله كالمعتزلة مجسمة، ويرى المعتزلة نفات الصفات - أن الأشاعرة الذين يثبتون لله سبع صفات مجسمة، ويرى الأشاعرة أن أهل السنة إذا اثبتوا لله الوجه، واليدين والنزول والاستواء ونحوها مجسمة. وهذا. وقد يطلق هذا على من يشبه لله بخلقه وبجسمه =


الصفحة التالية
Icon