والمعتزلة تنكرها (١)، ويقولون: لا يجوز أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- مسحورًا، لأن الكفار كانوا يعيرونه بذلك، فلو قلنا: إنه سحر، وجوزنا ذلك كنا قد جاوزنا ما عير به.
والجواب: أن هذه القصة قد ثبتت (قصتها) (٢)، وصحتها عند المفسرين، وأهل النقل، والعلم بالرواية، ودلت هذه السورة على ذلك، وهو قوله: ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ يعني اللاتي ينفثن بالرقي والعزائم، فلولا أن لشرهن تأثيرًا وإلا لم يؤمر بالاستعاذة من شرهن.
ولا يجوز أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم-مسحورًا على الوجه الذي عيره به الكفار (٣)، فإنهم كانوا يريدون أنه مخدوع مجنون سحر بتخيل عقله،

= ١٣/ ١٩٢/ ١، و"معالم التنزيل" ٤/ ٥٤٦، و"زاد المسير" ٨/ ٣٣٢، و"معاني القرآن" للفراء ٣/ ٣٠١ قال ابن كثير تعليقًا على رواية الثعلبي: هكذا أورده بلا إسناد، وفيه غرابة وفي بعضه نكارة شديدة، ولبعضه شواهد. "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٦١٥ "الدر المنثور" ٨/ ٦٨٧ وعزاه إلى ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عائشة وابن عباس.
(١) قال المازني: أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث، وزعموا أنه يحط من منصب النبوة ويشكك فيها -ثم قال- وهذا كله مردود. "فتح الباري" ١٠/ ٢٢٦ وقال ابن القيم: وهذا الحديث -يعني الذي في الصحيح- ثابت عند أهل العلم بالحديث يتلقى بالقبول بينهم لا يختلفون في صحته، وقد اعتاص على كثير من أهل الكلام وغيرهم، وأنكروه أشد الإنكار، وقابلوه بالتكذيب. "تفسير المعوذتين" تحقيق مصطفى العدوي ٥٧ - ٥٨ وقد أنكره أيضًا الجصاص في "أحكام القرآن" ١/ ٤٩.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) نحو ما جاء في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا﴾ [سورة الفرقان: ٨]، وكقوله تعالى: ﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٣: ١٨٥].


الصفحة التالية
Icon