فكانوا يعذبونه في الرمضاء (١)، وقد وضعوا على صدره صخرة، فاشتراه أبو بكر وأعتقه، فقال المشركون: مَا فعل ذلك أبو بكر إلا ليد كانت عند بلال، أراد أن يجزيه بها، فقال الله تعالى: ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى﴾.
قال ابن عباس: يريد مَا لبلال عند أبي بكر نعمة يجزيه بها (٢).
والمعنى: (لم يفعل ذلك مجازاة ليد أسديت إليه) (٣)، ولكنه ابتغى بذلك وجه الله، وهو قوله:
٢٠ - ﴿إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾ (أي إلا طلب ثواب الله) (٤)
قال أبو عبيدة: "إلا ابتغاء" (٥) استثناء من النعمة، كما يُستثنى الشيء وليس منه (٦).
قال الفراء: وهذا على اختلاف ما قبل "إلا" ومَا بعدها، والعرب تقول: مَا في الدار أحد إلا أكلبًا وأحمرةً، وهذا كقوله: ﴿إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾ [النساء: ١٥٧]
كقول (٧) النابغة:
.... وما بالرَّبعِ من أحدِ

= سلحت من البقل. انظر: "القاموس المحيط" ١/ ٢٢٩ (سلح). والنجو: ما يخرج من البطن. مختار "الصحاح" ٦٤٨ (نجو).
(١) الرمضاء: الأرض الشديدة الحرارة "القاموس المحيط" ٢/ ٣٣٢ (رمض).
(٢) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٣) ما بين القوسين من قول الزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٣٦.
(٤) ما بين القوسين من قول الزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٣٧.
(٥) في (أ): (ابتغاء)، وغير واضحة في (ع)، وأئبت ما غلب على ظني صحته. والله أعلم.
(٦) "مجاز القرآن" ٢/ ٣٠ بنحوه.
(٧) في (ع): (وكقول).


الصفحة التالية
Icon