إلا الأواريَّ (١)
وهي لغة أهل الحجاز (٢).
وذكر الفراء وجهًا آخر، وهو: أن يضمر الإنفاق على تقدير: ما ينفق إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى، وهذا كقوله: ﴿وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٧٢] (٣). وقد مر.
ومعنى ﴿الْأَعْلَى﴾: الأجل بصفاته التي لا يوارى فيها، فهو الأقدر،

(١) لم يذكر الفراء قول النابعة بل استشهد بقول عامر بن ثابت جران العود:
وبلدة ليس بها أنيس... إلا اليعافير وإلا العيس
واستشهد ببيت النابغة عند تفسيره الآية ١٤ من سورة النساء، وآية ٩٨ من سورة يونس: "معاني القرآن" ١/ ٢٨٨، ٤٨٠ من مطلع قصيدة يقول فيها:
يا دارَ مَيَّةَ بالعلياءِ فالسَّنَدِ... أقوتْ وطالَ عليها سَالفُ الأبَدِ
ثم يقول:
وَقَفْتُ فيها أصَيْلانا أسائِلها... عَيَّتْ جوابًا وما بالرَّبْع من أحَدِ
إلا الأوَارِيّ لأيا ما أبينها... والنُؤىُ كالحْوضِ بالمظلُومَة الجَلدِ
"ديوانه" ص ٣٠، المؤسسة العربية. كما ورد في "الأصول في النحو" للسراج ١/ ٢٩٢.
موضع الشاهد "الأواري" استثناه من "الناس" على البدل، وأصله من الاستثناء المنقطع، فأوجب نصبه على لغة الحجاز، وقد جمع فيها ثلاثة أحرف للنفي: إن، ولا، وما، ومعنى البيت: وصف أنه مَرَّ بالدار عشيًا قصيرًا، فوقف فيها وسألها عن أهلها، وأصيلان: تصغير أصيل، وهو بالعشي، وعيت جوابًا: أعيت بالجواب، فلم تجبني، والربع: منزل القوم، والأواري: محابس الخيل، والنؤْيُ: حاجز من تراب يوضع فوق الخباء لئلا يدخل السيل، والمظلومة: الأرض التي لم تمطر فجاءها السيل فملأها، والجَلَدٌ: الأرض الصلبة، واللأى البطء. "شرح أبيات معاني القرآن" ص ١١٧ ش ٢٤٥ - ٢٤٦.
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ٢٧٣ بتصرف.
(٣) "معاني القرآن" ٣/ ٢٧٣ بتصرف.


الصفحة التالية
Icon