الأغلب الأظهر بالحجة والقوة (١).
ثم وعد أبا بكر أن يرضيه في الآخرة بثوابه، فقال:

(١) هذا قصر من الواحدي للآية على بعض معانيها، وما ذكره حق، ولكنه أغفل بناء على مذهبه الأشعري ما دلت عليه الآية من إثبات العلو لله تعالى؛ أي علو الذات، كما دلت النصوص المتواترة على ذلك، فهو تعالى فوق خلقه على العرش استوى. والذي ينبغي عليه في الإيمان بأسماء الله وصفاته لتسلم عقيدته يلزمه أمران:
أحدهما: إثبات تلك الصفات؛ لأنها وردت في الكتاب والسنة، فقد صار مصدرهما الوحي، لأن هذا الإثبات لها هو لازم الإيمان.
والثاني: هو الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى ليس له شبيه ولا مثيل فيما يتصف به من تلك الصفات، وهذا أيضًا تحقيق لقول الله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، وأن الانطلاق من هاتين القاعدتين في باب الأسماء والصفات، هو المسلك الصحيح، والمنهج السليم، وبه يتحقق الاتباع الكامل، والانقياد الحق، والاستجابة الواعية لما قاله الله تعالى، أو نطق به النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن أي مساس بهاتين القاعدين يوصل إلى انحراف خطير في فهم أخطر قضية من قضايا الاعتقاد في باب أسماء الله وصفاته. نقلًا عن: علاقة الإثبات والتفويض بصفات رب العالمين د. رضا نعسان ص ١١. وعليه فتفسير الأعلى من هذه السورة على ضوء الكتاب والسنة على هذا النحو الآتي: قال تعالى: ﴿وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [البقرة: ٢٥٤]، وقوله: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١]، وقوله تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾ [الرعد: ١٣]، وذلك دال على أن جميع معاني العلو ثابتة لله من كل وجه، فله علو الذات، فإنه فوق المخلوقات، وعلى العرش استوى، أي علا وارتفع، وله علو القدر، وهو علو صفاته وعظمتها، فلا يماثله صفة مخلوق؛ بل لا يقدر الخلائق كلهم أن يحيطوا ببعض معاني صفة واحدة من صفاته، قال تعالى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾، وبذلك يعلم أنه ليس كمثله شيء في كل نعوته، وله علو القهر فإنه الواحد القهار الذي قهر بعزته وعلوه الخلق كلهم، وذلك لكمال اقتداره ونفوذ مشيئه، وشدة افتقار المخلوقات كلها له من كل وجه. =


الصفحة التالية
Icon