فقال: يجوز أن تكون أم في هذا البيت مردودة على الألفِ المُضْمَرة مع تروح وكافية منها، كقوله:

فوالله ما أدري وإنْ كنتُ داريًا بسبعٍ رمينَ الجمرَ أم بثمانِ (١)
ويجوز أن يكون هي حرف الاستفهام متوسطًا.
فأما التفسير فقال ابن عباس: نزلت هذه الآية في رهط من قريش، قالوا: يا محمد، (اجعل لنا) (٢) الصَّفَا ذهبًا، ووسِّع لنا أرضَ مكة، وفجَّر الأنهار خلالها تفجيرًا، نؤمنْ بك، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣). والذي سأل قوم موسى أنهم قالوا: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء: ١٥٣]، (٤). قال
(١) البيت لعمر بن أبي ربيعة، ينظر: "ديوانه" ص ٢٦٦، "المعجم المفصل" ٨/ ١٨٦.
(٢) ساقطة من (م).
(٣) كذا ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١١٠، والمصنف أيضًا في "أسباب النزول" ص ٣٤، القرطبي ٢/ ٦٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٤٥ وذكره الحافظ في "العجاب" ١/ ٣٥٠ عن الواحدي، وقال: ذكره الثعلبي، ولعله من تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.. وقد ذكر الطبري في تفسيره ١/ ٤٨٣، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٣٢٨ أسبابًا أخرى، ومن ذلك: ما رواه ابن أبي حاتم بسنده الحسن كما في "التفسير الصحيح" ١/ ٢١٣ عن محمد بن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال: قال رافع بن حريملة، ووهب بن زيد لرسول الله - ﷺ -: يا محمد ايتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه، وفجر لنا أنهارًا نتبعك ونصدقك، فأنزل الله في ذلك عن قولهم: (أم تريدون..) الآية. قال الثعلبي في "تفسيره" ١٥/ ١١١: والصحيح إن شاء الله أنها نزلت في اليهود حين قالوا: ائتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى موسى بالتوراة، لأن هذه السورة مدنية، وتصديق هذا القول: قوله عز وجل: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ﴾ [النساء: ١٥٣].
(٤) قال الشنقيطي في "أضواء البيان" ١/ ١٤٥ لم يبين هنا الذي سأل موسى من قبل من هو؟ ولكنه بينه في موضع آخر، وذلك في قوله: (يسألك أهل الكتاب...) الآية.


الصفحة التالية
Icon