وقوله تعالى: ﴿وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾ البثُّ: النشر والتفريق، ومنه قوله تعالى: ﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النساء: ١]، ومنه: ﴿كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾ [القارعة: ٤]، ويقال: بثثته سِرِّي (١) أبثثته، إذا أطلعته عليه؛ لأنك فرقت بين سرّك وبينك، ويقال للحزن: بَثٌ؛ لأن صاحبَه لا يصبر عليه حتى يظهره (٢).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾ قال ابن عباس: يريد: كلّ ما دبّ على الأرض من جميع الخلق، من الناس وغيرهم (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ﴾ أراد: وتصريفه الرياح، فأضاف المصدر إلى المفعول، وهو كثير (٤). والرياح: جمع الريح.
قال أبو علي: الريح: اسم على فعل، والعين منه واو، انقلبت في الواحد (٥) للكسرة، فأما في الجمع القليل: أرواح، فصحّت؛ لأنه لا شيء فيه يوجب الإعلال، ألا ترى أن سكون الراء لا يوجب إعلال هذه الواو في نحو: قوم، وعون، وقول. وفي الجمع الكثير: رياح، انقلبت الواو ياء؛ للكسرة التي قبلها، نحو: ديمة ودِيَم، وحِيلَة وحِيَل (٦).

(١) سقطت من (ش).
(٢) ينظر في البث: "الطبري" ٢/ ٦٤، "المفردات" ص ٤٧، "اللسان" ١/ ٢٠٨ (بثث).
(٣) لم أجد هذا عن ابن عباس.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٦٤، واختار هذا الوجه، ونقل الرازي في "تفسيره" ٤/ ٢٠١ هذا عن الواحدي، "البحر المحيط" ١/ ٤٦٧، وذكر وجهًا آخر وهو أن يكون تصريف مصدرًا مضافًا للفاعل، أي: وتصريف الرياح السحاب، أو غيره مما له فيه تأثير بإذن الله.
(٥) سقطت من (م).
(٦) ونقله عنه ابن سيده في "المخصص" المجلد ٢/ السفر التاسع ص ٨٣، والرازي في "تفسيره" ٤/ ٢٠١، وينظر: "لسان العرب" ٣/ ١٧٦٣.


الصفحة التالية
Icon