وقوله تعالى: ﴿الشَّهْرَ﴾ انتصابه على الظرف، ولا يجوز أن يكون مفعولًا به؛ لأنه ما من أحدٍ غَابَ أو حضر إلّا وهو يشهد الشهر، لكن المعنى: من شهد منكم بيته في الشهر (١)، ولا بد أيضًا من إضمار حال الشاهد وصفته، التي بوجودها يجب الصوم، وهو أن يقال: من شهد منكم الشهر عاقلًا بالغًا مقيمًا صحيحًا (٢).
قوله: ﴿فَلْيَصُمْهُ﴾، قال ابن عباس وأكثر أهل التأويل: معناه: فليصم ما شَهِدَ منه؛ لأنه إن سافر في حال الشهر كان له الإفطار (٣).
وذهب طائفة إلى أنه إذا شهد أول الشهر مقيمًا ثم سافر لم يحل له الإفطار. وهو قول النخعي (٤) والسُدي (٥) وابن سيرين (٦) ومذهب
(١) "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٢٣٨، "الكشاف" ١/ ١١٤، "البحر المحيط" ١/ ٤١، قال: وقيل: انتصاب الشهر على أنه مفعول به، وهو على حذف مضاف، أي: فمن شهد منكم دخول الشهر عليه، وهو مقيم لزمه الصوم، ثم قال: وقيل: التقدير: هلال الشهر، وهذا ضعيف؛ لأنك لا تقول: شهدت الهلال، إنما تقول: شاهدت، ولأنه كان يلزم الصوم من كل من شهد الهلال وليس كذلك.
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٤٨، "أحكام القرآن" للجصاص ١/ ١٨٣، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٢٩٨.
(٣) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" ٣/ ١٨، والطبري ٢/ ١٤٦، والبيهقي ٤/ ٢٤٦، وذكرها الثعلبي ٢/ ٣٠٠، وابن العربي في "أحكام القرآن" ١/ ٨٢، والقرطبي ٢/ ٢٩٩، وروى الطبري في "تفسيره" عن ابن عباس ما يوافق القول الثاني ٢/ ١٤٧.
(٤) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ١٤٧، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٣١٢.
(٥) رواه عنه الطبري ٢/ ١٤٦، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٣١٢.
(٦) رواه عنه عبد الرزاق في "المصنف" ٤/ ٢٦٩، وابن أبي شيبة في "المصنف" ٣/ ١٨، والطبري ٢/ ١٤٦، ١٤٧، وقد ذكره من روايته عن عبيدة السلماني عن علي مرة، وعن عبيدة مرة أخرى.
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٤٨، "أحكام القرآن" للجصاص ١/ ١٨٣، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٢٩٨.
(٣) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" ٣/ ١٨، والطبري ٢/ ١٤٦، والبيهقي ٤/ ٢٤٦، وذكرها الثعلبي ٢/ ٣٠٠، وابن العربي في "أحكام القرآن" ١/ ٨٢، والقرطبي ٢/ ٢٩٩، وروى الطبري في "تفسيره" عن ابن عباس ما يوافق القول الثاني ٢/ ١٤٧.
(٤) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ١٤٧، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٣١٢.
(٥) رواه عنه الطبري ٢/ ١٤٦، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٣١٢.
(٦) رواه عنه عبد الرزاق في "المصنف" ٤/ ٢٦٩، وابن أبي شيبة في "المصنف" ٣/ ١٨، والطبري ٢/ ١٤٦، ١٤٧، وقد ذكره من روايته عن عبيدة السلماني عن علي مرة، وعن عبيدة مرة أخرى.