جماعة (١)
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ أعاد هاهُنا تخييرَ المريض والمسافر وترخيصهما في الإفطار؛ لأن الله تعالى ذكر في الآية الأولى تخيير المقيمين بقوله: ﴿فَلْيَصُمْهُ﴾، فلو اقتصر على هذا لاحتمل أن يعود النسخ إلى تخيير الجميع، فأعاد بعد النسخ ترخيصَ المسافر والمريض؛ ليعلم أنه باق على ما كان (٢).
والمرض الذي يبيح الإفطار هو كل مرض كان الأغلبُ من أمر صاحبه بالصوم الزيادةَ في علته زيادةً لا يحتمله، والأصل فيه: أنه إذا أجهده الصوم أفطر (٣).

(١) وممن حكي عنه هذا: علي وعائشة وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، وعبيدة السلماني وسعيد بن جبير وابن الحنفية وسويد بن غفلة وعلي بن الحسين ومجاهد والشعبي وأبو مجلز، وغيرهم. تنظر الروايات عنهم في: "تفسير الطبري" ٢/ ١٤٦، ١٤٧، ابن أبي حاتم ١/ ٣١٢، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٢٩٨، وقال ابن العربي في أحكام القرآن ١/ ٨٣: وقد سقط القول الأول -يعني: قول هؤلاء- بالإجماع من المسلمين كلهم على الثاني، وكيف يصح أن يقول ربنا: (فمن شهد منكم الشهر فليصم منه ما لم يشهد)، وقد روي أن النبي - ﷺ - (سافر في رمضان فصام حتى بلغ الكَديد فأفطر وأفطر المسلمون). رواه البخاري برقم (٢٩٥٣) كتاب الجهاد والسير، باب: الخروج في رمضان، ومسلم برقم (١١١٣) كتاب الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر.. ، وقال جمهور الأمة: (من شهد أول الشهر وآخره فليصم ما دام مقيما، فإن سافر أفطر)، وهذا هو الصحيح، وعليه تدل الأخبار الثابتة. وينظر: "المغني" ١/ ٣٤٣ - ٣٤٤، "تفسير ابن كثير" ١/ ٢٣١.
(٢) ينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٩٩.
(٣) ينظر: "أحكام القرآن" للشافعي ص ١٢١، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٣٠٤، "أحكام =


الصفحة التالية
Icon