وقوله تعالى: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ الاختيار فتح الراء (١) من تضارّ، وموضعه جزم على النهي، والأصل: لا تضارر، فأدغمت الراء الأولى في الثانية، وفتحت الثانية لالتقاء الساكنين، وهذا الاختيار في التضعيف إذا كان قبله فتح أو ألف، تقول: عَضَّ يا رجلُ، وضارَّ زيدًا (٢) يارجلُ (٣).
والمعنى: لا ينزع الولد منها إلى غيرها بعد أن رضيت بإرضاعه (٤) وألفها الصبي، ولا تلقيه هي إلى أبيه (٥) بعد ما عرفها، تضاره بذلك (٦).
وقيل معناه: لا تضارَّ والدة فتكره على إرضاع الصبي إذا قبل من غيرها وكرهت هي رضاعه؛ لأن ذلك ليس بواجب عليها، ﴿وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ﴾ يكلف (٧) أن يُعْطِي الأم إذا (٨) لم يرتضع الولد إلا منها أكثر مما يجب لها

= من سعته، والوُسع من القدرة ما يفضل عن قدر المكلف، قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، تنبيها أنه يكلف عبده دُوَيْن ما ينوء به قدرته، وقيل: يكلفه ما يثمر له السعة، وهي الجنة.
(١) كذا قرأ نافع وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر: (لا تضارَّ)، وقرأ الباقون من السبعة: (تضارُّ). ينظر: "السبعة لابن مجاهد" ص ١٨٣، و"النشر" ١/ ٢٢٧.
(٢) في (ي): (زيد).
(٣) كذا نقله من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١٣.
(٤) في (م): (وأصابك وألفها).
(٥) في (ش) (أمه).
(٦) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٥٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣١٣، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١١٤٦، "البحر المحيط" ٢/ ٢١٥.
(٧) في (ي): (فكلف)، في (ش): (فيكلف).
(٨) في (ش): (إذ).


الصفحة التالية
Icon