وقوله تعالى: ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾. رفع (١)؛ على الاستئناف؛ كقوله: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ﴾ [التوبة: ١٤]، جزم الأفاعيل (٢)، ثم قال: ﴿وَيَتُوُبُ اَللَّهُ﴾ [التوبة: ١٥]، فرفع. ومثله، قوله: ﴿فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ﴾ [الشورى: ٢٤]، ورفعاً (٣).
وفي قوله: ﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، إتمامٌ؛ للتحذير؛ لأنه إذا كان لا يخفى عليه شيءٌ منهما، فكيف يخفى عليه الضميرُ؟.
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. تحذيرٌ مِنْ عِقَابِ مَن لا يعْجِزَهُ شىءٌ.
٣٠ - قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ﴾ اختلفوا في العامل في ﴿يَوْمَ﴾، فقال ابن الأنباري (٤): اليوم معلق بـ ﴿الْمَصِيرُ﴾ (٥)، والتقدير: (وإلى اللهِ المصير، يومَ تَجِدُ).
وقال الزجَّاج (٦): العامل: قوله: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾، في الآية (٧)
(٢) (الأفاعيل): ساقطة من (د). ومعناه: جُزِمت الأفعال التالية في الآية: (يُعذِّبْهمْ)، (يُخزِهِمْ)، (يَشْفِ)، (يُذْهِبْ).
(٣) أي: هي في نيَّةِ رفع، مستأنفةٌ، غير داخلة في جزاء الشرط؛ لأنه تعالى يمحو الباطل مطلقًا. وسقوط الواو لفظًا، لالتقاء الساكنين في الدرج، وسقوطها خطًّا، حملًا للخطِّ على اللفظ. انظر: "منار الهدى في بيان الوقف والابتداء" للأشموني: ٢٤٩.
(٤) لم أهتد إلى مصدر قوله.
(٥) في (د): (متعلق بالضمير). يعني بـ ﴿الْمَصِيرُ﴾: ما ورد في قوله تعالى: ﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ آية: ٢٨ من نفس السورة.
(٦) في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٩٧.
(٧) من قوله: (في الآية..) إلى (.. نفسه): ساقط من (ج).