أول الكلام، وهو قوله: ﴿وَلَا تُؤْمِنُوا﴾؛ كما دخلت (١) (مِنْ) في صِلَةِ (أنْ يُنَزَّلَ) في قوله: ﴿مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ﴾ [البقرة: ١٠٥]. فكما دخلت (مِنْ) في صلة (أنْ يُنَزَّلَ)؛ لأنه مفعول للنَّفي الَّلاحق لأوَّلِ الكلام (٢)، كذلك دخل (أحدٌ) في [صِلَةِ (أنْ) في] (٣) قوله: ﴿أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ﴾؛ لدخول النفي في أول الكلام. والكلام في معنى (أحد)، قد تقدم عند قوله: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ﴾ [البقرة: ١٠٢].
وقوله تعالى: ﴿أَوْ يُحَاجُّوكُمْ﴾ عطف على قوله: ﴿أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ﴾؛ المعنى: ولا تؤمنوا بأن يحاجُّوكم عند ربكم؛ لأنكم أصح دينًا منهم، فلا يكون لهم الحجة عليكم عند الله.
قوله: ﴿يُحَاجُوكُمْ﴾، الضمير (٤) فيه ضمير الجماعة، وهو خبر عن ﴿أحدٌ﴾ في قوله: ﴿أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ﴾، وجاز ذلك؛ لأن الأسماء المنفردة قد تقع للشياع (٥) في المواضع التي يراد بها الكثرة؛ كقوله: ﴿يُخرِجُكم طِفْلاً﴾ (٦)، وقوله: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ (٧) [الفرقان: ٧٤]، وقوله:

(١) (دخلت): ساقطة من: (ج).
(٢) (الكلام): ساقطة من: (ج).
(٣) ما بين المعقوفين زيادة من: (ج).
(٤) من قوله: (الضمير..) إلى: (.. للمتَّقين إماما): نقله بالمعنى من "الحجة" للفارسي: ٣/ ٥٧.
(٥) يريد بالشياع: الجمع والعموم، وشمول اللفظ المفرد لأكثر من فرد.
(٦) سورة غافر: ٦٧. وقد وردت في (أ)، (ب)، (ج): (ويخرجكم). والشاهد في الآية: أن (طفلا) بمعنى أطفال، وأفرد اللفظ وأراد به الجنس. انظر: "تفسير أبي السعود" ٧/ ٢٨٣، "تفسير البيضاوي" ٢/ ٣٤٥.
(٧) الشاهد هنا إفراد لفظ (إمام) ليدل على الجنس. انظر: "تفسير أبي السعود" ٦/ ٢٣١، "تفسير البيضاوي" ٢/ ٧٥.


الصفحة التالية
Icon