وقوله تعالى: ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾. أي: أصل الكتاب الذي يُعْمَل عليه (١). فَمَنْ جَعَلَ (المُحْكَمَات): الآيات الثلاث في (الأنعام)، قال: يريد: هُنّ أم كلِّ كِتَابٍ أنزله الله على نَبِيٍّ، فيهن كلُّ ما أحلّ، وفيهن كلُّ ما حرّم. ووحَّد (الأمَّ) بعد قوله: ﴿هُنَّ﴾؛ لأن (٢) الآياتِ كلَّها في تكامُلِها واجتماعها، كالآية الواحدة، وكلام الله واحد.
وقال أبو العباس (٣): لأنهن بكمالِهِنَّ (أُمٌّ)، وليست كلُّ واحدِةٍ منهن (أُمَّ الكتاب)، على انفرادها.
وقال الأخفش (٤): وَحَّدَ ﴿أُمُّ الْكِتَابِ﴾ بالحكاية؛ على تقدير الجواب؛ كأنه قيل (٥): ما أمُّ الكتاب؟ فقيل: هنّ أم الكتاب؛ كما تقول:

(١) والعرب تطلق (الأم) على كلِّ ما جُعِلَ مُقَدَّما لأمْرٍ، وله توابعُ تَتْبَعُه، وكلِّ جامعٍ لأمْرٍ؛ ومِنْ ذلك: رايَةُ الجيش، والجِلْدَة التي تجمع الدِّمَاغ، وتسمى: (أم الرأس)، ومكة المكرمة، وتسمى: (أم القرى)؛ لِتقدمها أمام جميعها، أو لأن الأرض دُحِيت منها، فصارت لجميعها أمَّا.. وهكذا. انظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٠، "الصحاح" ٥/ ١٨٦٤ - ١٨٦٥ (أمم)، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٥ أ.
(٢) من قوله: (لأن..) إلى (.. وكلام الله واحد): نقله بنصه عن "تفسير الثعلبي" ٣/ ٥ ب. وانظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٠.
(٣) لم أقف على مصدر قوله.
(٤) في "معاني القرآن" له: ١/ ١٩٣. نقله عنه بالمعنى.
(٥) في (ج): (قيل له).


الصفحة التالية
Icon