مَنْ نَظِيرُ زيد؟ فيقول قومٌ: نحن نظيرُه (١)؛ كأنهم حَكَوا ذلك اللفظ. وهذا على قولهم (٢): دَعْنِى مِنْ (تَمْرَتان) (٣)؛ أي: مِمَّا يقالُ له (تمرتان).
قال أبو بكر (٤): وقولُ الأخفش بِعيدٌ مِنَ الصواب في الآية؛ لأن الإضمار لمْ يَقُمْ عليه دليلٌ، ولم تَدْعُ إليه حاجةٌ. وقيل (٥): أراد: كل آية منهنّ أمُّ الكتاب؛ كما قال: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً﴾ [المؤمنون: ٥٠]؛ أي: كلُّ واحدٍ منهما آية (٦).
قال العلماءُ، وأصحابُ المعاني: معنى قوله: ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ أي: أصلُ الكتاب الذي يُسْتَدَلُّ به على المتشابه وغيره مِنْ أمور الدين. فإذا وردت الآية المتشابهة رُدَّت إلى المحْكَمَةِ، فكانت المُحْكَمَةُ (٧) مُفَسِّرَةً لها، وقاضِيَةً على معناها.
فـ ﴿أُمُّ الْكِتَابِ﴾ معناه: أصل الكتاب الذي ترجع إليه التأويلات، وتضم جميع المعاني، لأن الأم يرجع إليها بنوها فتضمهم.

(١) العبارة في "معاني القرآن" للأخفش: (.. كما يقول الرجل: ما لي نصير. فيقول: نحن نصيرك).
(٢) في (ج)، (د): (وعلى هذا قولهم).
(٣) في (ب): تمراتان.
(٤) لم أقف على مصدر قوله. وقد أورده السمين الحلبي في "الدر المصون" ٣/ ٢٦.
(٥) هو قول ابن كيسان. انظر: "معاني القرآن" للنحاس: ١/ ٣٤٨.
(٦) فعيسى عليه السلام وأمَّه، مشتركان جميعا في الأمر العجيب الخارق للعادة، فهي قد جاءت به مِنْ غير زوج، وهو مِنْ غير أبٍ. فلم تكن الآيةُ لها إلّا بِهِ، ولا لَهُ إلّا بها. انظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٧١، "معاني القرآن" للنحاس: ١/ ٣٤٨، "تفسير الفخر الرازي" ٢٣/ ١٠٣.
(٧) (فكانت المحكمة): ساقطة من: (د).


الصفحة التالية
Icon