مثال ما ذكرنا: قوله تعالى: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ [فاطر: ٣]. هذه آيةٌ (١) مُحْكَمَةٌ، لا تحتمل تأويلًا غير ظاهرها (٢)، لأن معناها: لا ينشئ الصُّوَرَ (٣)، ولا يُرَكِّبُ الأرواحَ في الأجسام غيره عز وجل.
وأما الآية المتشابهة: فقوله عزَّ ذِكْرُه: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٤]؛ يقع هذا متنافيًا عند الجاهل؛ إذْ كان قالَ في ذلك الموضع: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ [فاطر: ٣]، وَجَعَلَ في (٤) هذا الموضع مع الله خالِقِين، فاحتجنا إلى رَدِّ هذه الآية، إلى الآية المحكمة؛ لِتَحْكُمَ (٥) عليها، فقلنا: قد نَفَت الآيةُ المُحْكَمة أن يكون مع الله تعالى خالق يُنْشئ وُيحْيي.
ووجدنا العربَ تجعل (الخَلْقَ) على مَعْنيَيْن: أحدهما: (الإنشاء)، والآخر: (التقدير). (٦) فنفت الآيةُ المُحْكَمة (الخَلْقَ) الذي بمعنى: (الإنشاء)، فبقي الذي معناه (٧): (التقدير). فَحَمَلْنا المُتشابِهَ عليه، وقلنا: تأويلُهُ: فتباركَ اللهُ أحْسَن المُقَدِّرِين؛ كما قال: ﴿وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا﴾

(١) في (ب): (الآية).
(٢) في (د): (غير ظاهر).
(٣) في (د): (الصورة).
(٤) (في) ساقطة من: (ج).
(٥) في (ج): (ليحكم)، وفي (د): (لنحكم).
(٦) انظر: "الأضداد" للأصمعي (ضمن ثلاثة كتب في الأضداد): ٥٥، "تأويل مشكل القرآن " ٥٠٧، "تفسير أسماء الله الحسنى" للزجاج: ٣٥، "الزاهر" ١/ ٨٤، "تهذيب اللغة"١/ ١٠٩٣، "قاموس القرآن" للدامغاني: ١٦٣، ١٦٤، "مفردات ألفاظ القرآن". للراغب: ٢٩٦ (خلق)، "نزهة الأعين النواظر" لابن الجوزي: ٢٨٣، "اللسان" ٢/ ١٢٤٣ (خلق).
(٧) (الذي معناه): ساقط من: (ج).


الصفحة التالية
Icon